وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد أثبت لهم الكبر الباعث على المجادلة بطريق القصر لينفي أن يكون داعيهم إلى المجادلة شيء آخر غير الكبر على وجه مؤكد فإن القصر تأكيد على تأكيد لما يتضمنه من إثبات الشيء بوجه مخصوص مؤكد ومن نفي ما عداه فتضمن جملتين .
وجملة ( ما هم ببالغيه ) يجوز أن تكون معترضة ويجوز أن تكون في موضع الصفة ل ( كبر ) . وحقيقة البلوغ : الوصول قال تعالى ( إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ) ويطلق على نوال الشيء وتحصيله مجازا مرسلا كما في قوله تعالى ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم ) وهو هنا محمول على المعنى المجازي لا محالة أي ما هم ببالغي الكبر .
وإذ قد كان الكبر مثبتا حصوله في نفوسهم إثباتا مؤكدا بقوله ( إن في صدورهم إلا كبر ) تعين إن نفي بلوغهم الكبر منصرف إلى حالت الكبر : فإما أن يراد نفي أهليتهم للكبر إذ هم أقل من أن يكون لهم الكبر كقوله تعالى ( ليخرجن الأعز منه الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) أي لا عزة حقا لهم فالمعنى هنا : كبر زيف ؛ وإما أن يراد نفي نوالهم شيئا من آثار كبرهم مثل تحقير الذين يتكبرون عليهم مثل احتقار المتكبر عليهم ومخالفتهم إياهم فيما يدعونهم إليه فضلا عن الانتظام في سلك اتباعهم وإذلالهم وإفحام حجتهم فالمعنى : ما هم ببالغين مرادهم الذي يأملونه منك في نفوسهم الدالة عليه أقوالهم مثل قولهم ( نتربص به ريب المنون ) وقولهم ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) ونحو ذلك من أقوالهم لكاشفة لآمالهم .
فتنكير ( كبر ) للتعظيم أي كبر شديد بتعدد أنواعه وتمكنه من نفوسهم فالضمير البارز في ( ببالغيه ) عائد إلى الكبر على وجه المجاز بعلاقة السببية أو المسببية والداعي إلى هذا المجاز طلب الإيجاز لأن تعليق نفي البلوغ باسم ذات الكبر يشمل جميع الأحوال التي يثيرها الكبر وهذا من مقاصد إسناد الأحكام إلى الذوات إن لم تقم قرينة على إرادة حالة مخصوصة كما في قوله تعالى ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم ) أي جميع أحوال معيشتهم . فشمل قوله ( ما هم ببالغيه ) عدم بلوغهم شيئا مما ينطوي عليه كبرهم فما بلغوا الفضل على غيرهم حتى يتكبروا ولا مطمع لهم في حصول آثارهم كبرهم كما قال تعالى ( لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا ) .
وقد نفي أن يبلغوا مرادهم بصوغه في قالب الجملة الاسمية لإفادتها ثبات مدلولها ودوامة فالمعنى : أنهم محرومون من بلوغه حرمانا مستمرا فاشتمل تشويه حالهم إثباتا ونفيا على خصوصيات بلاغية كثيرة .
ومن المفسرين من جعل ما صدق ( الذين يجادلون في آيات الله ) هنا اليهود وجعله في معنى قوله تعالى ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) وارتقى بذلك إلى القول بأن هذه الآية مدنية ألحقت بالسورة المكية كما تقدم في مقدمة تفسير السورة وأيدوا تفسيرهم هذا بآثارهم لو صحت لم تكن فيها دلالة على أكثر من صلوحية الآية لأن تضرب مثلا لكل فريق يجادلون في آيات الله بغير سلطان جدالا يدفعهم إليه الكبر .
( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير [ 56 ] ) لما ضمن الله لرسوله A إن الذين يجادلونه فيما جاءهم به يحدوهم إلى الجدال كبرهم المنطوي على كيدهم وأنهم لا يبلغون ما أضمروه وما يضمرونه فرع على ذلك أن أمره بأن يجعل الله معاذه منهم أي لا يعبأ بما يبيتونه أي قدم على طلب العوذ بالله .
وحذف متعلق ( استعذ ) لقصد تعميم الاستعاذة من كل ما يخاف منه .
A E وجملة ( إنه هو السميع البصير ) تعليل للأمر بالدوام على الاستعاذة أي لأنه المطلع على أقوالهم وأعمالهم وأنت لا تحيط علما بتصاريف مكرهم وكيدهم .
والتوكيد بحرف ( إن ) والحصر بضمير الفصل مراعى فيه التعريض بالمتحدث عنهم وهم الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان . والمعنى : أنه هو القادر على إبطال ما يصنعونه لأ أنت فكيف يتم لهم ما أضمروه لك .
( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ 57 ] )