وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد أخبر الله نبيه A بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما في أول سورة الفتح فتعين أن أمره بالاستغفار في سورة غافر قبل أن يخبره بذلك لطلب دوام المغفرة وكان أمره به في سورة النصر بعد أن أخبره بغفران ما تقدم من ذنبه وما تأخر للإرشاد إلى شكر نعمة النصر وقد قال بعض الصحابة للنبي A في شأن عبادته " إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر " فقال : " أفلا أكون عبدا شكوا " . وكان يكثر أن يقول في سجوده " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " . بعد نزول سورة ( إذا جاء نصر الله ) قالت عائشة Bها يتأول القرآن . وبحكم السياق تعلم أن الآية لا علاقة لها بفرض الصلاة ولا بأوقاتها وإنما هي على نحو قوله تعالى ( فسبح بحمد ربك واستغفره ) في سورة النصر .
( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ) جرى الكلام من أول السورة إلى هنا في ميدان الرد على مجادلة المشركين في آيات الله ودحض شبههم وتوعدهم على كفرهم وضرب الأمثال لهم بأمثالهم من أهل العناد ابتداء من قوله ( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ) وقوله ( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم ) كما ذكرت أمثال أضدادهم من أهل الإيمان من حضر منهم ومن غبر من قوله ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون ) ثم قوله ( وقال رجل مؤمن من آل فرعون ) وختم ذلك بوعد النبي A والمؤمنين بالنصر كما نصر النبيون من قبله والذين آمنوا بهم وأمر بالصبر على عناد قومه والتوجه إلى عبادة ربه فكان ذكر الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان عقب ذلك من باب المثل المشهور " الشيء بالشيء يذكر " .
وبهذه المناسبة انتقل هنا إلى كشف ما تكنه صدور المجادلين من أسباب جدالهم بغير حق ليعلم الرسول A دخيلتهم فلا يحسب أنهم يكذبونه تنقصا له ولا تجويزا للكذب عليه ولكن الذي يدفعهم إلى التكذيب هو التكبر عن أن يكونوا تبعا للرسول A ووراء الذين سبقوهم بالإيمان ممن كانوا لا يعبأون بهم .
وهذا نحو قوله تعالى ( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) .
فقوله ( إن الذين يجادلون في آيات الله ) الآية استئناف ابتدائي وهو كالتكرير لجملة ( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله ) تكرير تعداد للتوبيخ عند تنهية غرض الاستدلال كما يوقف الموبخ المرة بعد المرة .
و ( الذين يجادلون ) هم مشركو أهل مكة وهم المخبر عنهم في قوله أول السورة ( وما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ) .
ومعنى المجادلة في آيات تقدم هناك .
ويتعلق قوله ( بغير سلطان ) ب ( يجادلون ) . والباء للمصاحبة أي مصاحب لهم غير سلطان أي غير حجة أي أنهم يجادلون مجادلة عناد وغصب .
وفائدة هذا القيد تشنيع مجادلتهم وإلا فإن المجادلة في آيات الله لا تكون إلا بغير سلطان لأن آيات الله لا تكون مخالفة للواقع فهذا القيد نظير القيد في قوله ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) وكذلك وصف ( سلطان ) بجملة ( أتاهم ) لزيادة تفظيع مجادلتهم بأنها عرية عن حجة لديهم فهم يجادلون بما ليس لهم به علم وتقدم نظير أول هذه الآية في أثناء قصة موسى وفرعون في هذه السورة .
A E و ( إن ) في قوله ( إن في صدورهم إلا كبر ) نافية والجار والمجرور خبر مقدم والاستثناء مفرغ و ( كبر ) مبتدأ مؤخر والجملة كلها خبر عن ( الذين يجادلون ) . وأطلق الصدور على القلوب مجازا بعلاقة الحلول والمراد ضمائر أنفسهم والعرب يطلقون القلب على العقل لأن القلب هو الذي يحس الإنسان بحركته عند الانفعالات النفسية من الفرح وضده والاهتمام بالشيء .
والكبر من الانفعالات النفسية وهو : إدراك الإنسان خواطر تشعره بأنه أعظم من غيره فلا يرضى بمساواته بله متابعته وتقدم في تفسير قوله تعالى ( إلا إبليس أبى واستكبر ) في سورة البقرة .
والمعنى : ما يحملهم على المجادلة في آيات الله إلا الكبر على الذي جاءهم بها وليست مجادلتهم لدليل لاح لهم