وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والعرض حقيقته : إظهار شيء لمن يراه لترغيب أو تحذير وهو يتعدى إلى الشيء المظهر بنفسه وإلى من يظهر لأجله بحرف ( على ) وهذا يقتضي أن المعروض عليه لا يكون إلا من يعقل ومنزلا منزلة من يعقل وقد يقلب هذا الاستعمال لقصد المبالغة كقول العرب " عرضت الناقة على الحوض " وحقه : عرضت الحوض على الناقة وهو الاستعمال الذي في هذه الآية وقوله في سورة الأحقاف ( ويوم يعرض الذين كفروا على النار ) . وقد عد علماء المعاني القلب من أنواع تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ومثلوا له بقول العرب : عرضت الناقة على الحوض . واختلفوا في عدة من أفانين لكلام البليغ فعدة منها أبو عبيدة والفارسي والسكاكي ولم يقبله الجمهور وقال القزويني : إن تضمن اعتبار لطيفا قبل وإلا رد .
وعندي أن الاستعمالين على مقتضى الظاهر وأن العرض قد كثر في معنى الإمرار دون قصد الترغيب كما يقال : عرض الجيش على أميره واستعرضه الأمير . ولعل أصله مجاز ساوى الحقيقة فليس في الآيتين قلب ولا في قول العرب : عرضت الناقة على الحوض قلب ويقال : عرض بنو فلان على السيف إذا قتلوا به . وخرج في الكشف آية الأحقاف على قولهم : عرض على السيف .
ومعنى عرضهم على النار أن أرواحهم تشاهد المواضع التي أعدت لها في جهنم وهو ما يبينه حديث إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي " إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة " .
وقوله ( غدوا وعشيا ) ناية عن الدوام لأن الزمان لا يخلو من هاذين الوقتين .
وقوله ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) هذا ذكر عذاب الآخرة الخالد أي يقال : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وعلم من عذاب آل فرعون أن فرعون داخل في ذلك العذاب بدلالة الفحوى .
وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص وأبو جعفر ويعقوب ( أدخلوا ) بهمزة قطع وكسر الخاء . وقرأ الباقون بهمزة وصل وضم الخاء على معنى أن القول موجه إلى آل فرعون وأن " آل فرعون " منادى بحذف الحرف .
( وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار [ 47 ] قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد [ 48 ] ) A E يجوز أن يكون ( إذ ) معمولا ل ( اذكر ) محذوف فيكون عطفا على جملة ( وأنذرهم يوم الآزفة ) والضمير عائدا إلى ( الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ) وما بين هذا وذاك اعتراض واستطراد لأنها قصد منها عظة المشركين بمن سبقهم من الأمم المكذبين فلما استوفي ذلك عاد الكلام إليهم . ويفيد ذلك صريح الوعيد للمشركين بعد أن ضربت لهم الأمثال كما قال تعالى ( وللكافرين أمثالها ) وقد تكرر في القرآن موعظة المشركين بمثل هذا كقوله تعالى ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ) الآية في سورة البقرة وقوله ( قالت أولاهم لأخراهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ) الآية في سورة الأعراف .
ويجوز أن تكون ( وإذ يتحاجون ) عطفا على جملة ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) لأن ( إذ ) و ( يوم ) كليهما ظرف بمعنى " حين " فيكون المعنى : وحين تقوم الساعة يقال : أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وحين يتحاج أهل النار فيقول الضعفاء الخ .
وقرن ( فيقول الضعفاء ) بالفاء لإفادة كون هذا القول ناشئا عن تحاجهم في النار مع كون ذلك دالا على أنه في معنى متعلق ( إذ ) وهذا استعمال من استعمالات الفاء التي يسميها النحاة زائدة وأثبت زيادتها جماعة منهم الأخفش والفراء والأعلم وابن برهان وحكاه عن أصحابه البصريين . وضمير ( يتحاجون ) على هذا الوجه عائد إلى ( آل فرعون ) لأن ذلك يأبه قوله ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم ) وقوله ( أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ) ولم يأت آل فرعون إلا رسول واحد هو موسى عليه السلام فيعود ضمير ( يتحاجون ) إلى معلوم من المقام وهم أهل النار .
والتحاج : الاحتجاج من جانبين فأكثر أي إقامة كل فريق حجته وهو يقتضي وقوع خلاف بين المتحاجين إذ الحجة تأييد لدعوى لدفع الشك في صحتها