وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد [ 44 ] ) هذا الكلام متاركة لقومه وتنهية لخطابه إياهم ولعله استشعر من ملامحهم أو من مقاطعتهم كلامه بعبارات الإنكار ما أيأسه من تأثرهم بكلامه فتحداهم بأنهم إن أعرضوا عن الانتصاح لنصحه سيندمون حين يرون العذاب إما في الدنيا كما اقتضاه قوله ( إني أخاف عليكم يوم التناد ) فالفاء تفريع على جملة ( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) .
وفعل ( ستذكرون ) مشتق من الذكر بضم الذال وهو ضد النسيان أي ستذكرون في عقولكم أي ما أقول لكم الآن يحضر نصب بصائركم يوم تحققه فشبه الإعراض بالنسيان ورمز إلى النسيان بما هو من لوازمه في العقل ملازمة الضد لضده وهو التذكر على طريقة المكنية وفي قرينتها استعارة تبعية .
والمعنى سيحل بكم من العذاب ما يذكركم ما أقوله : إنه سيحل بكم .
وجملة ( وأفوض أمري إلى الله ) عطف على جملة ( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) ومساق هذه الجملة مساق الانتصاف منهم لما أظهروه له من الشر يعني : أني أكل شأني وشأنكم معي إلى الله فهو يجزي كل فاعل بما فعل وهذا كلام منصف فالمراد ب ( أمري ) شأني ومهمي .
ويدل لمعنى الانتصاف تعقيبه بقوله ( إن الله بصير بالعباد ) معللا تفويض أمره معهم إلى الله عليم بأحوال جميع العباد فعموم العباد شمله وشمل خصومه .
وقال في الكشاف قوله ( وأفوض أمري إلى الله ) لأنهم تواعدوه اه . يعني أن فيه إشعار بذلك بمعونة ما بعده .
و ( العباد ) الناس يطلق على جماعتهم اسم العباد ولم أر إطلاق العبد على الإنسان الواحد ولا إطلاق العبيد على الناس .
والبصير : المطلع الذي لا يخفى عليه الأمر . والباء للتعدية كما في قوله تعالى ( فبصرت به عن جنب ) فإذا أرادو تعدية فعل البصر بنفسه قالوا : أبصره .
( فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب [ 45 ] النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [ 46 ] ) A E تفريع ( فوقاه الله ) مؤذن بأنهم أضمروا مكرا به . وتسميته مكرا مؤذن بأنهم لم يشعروه به وأن يكون فر من فرعون ولم يعثروا عليه .
و ( ما ) مصدرية . والمعنى : سيئات مكرهم . وإضافة ( سيئات ) إلى ( مكر ) إضافة بيانية وهي هنا في قوة إضافة الصفة إلى الموصوف لأن المكر سيء . وإنما جمع السيئات باعتبار تعدد أنواع مكرهم التي بيتوها .
وحاق : أحاط . والعذاب : الغرق . والتعريف للعهد لنه مشهور معلوم .
وتقدم له ذكر في السور النازلة قبل هذه السورة .
ومناسبة فعل " حاق " لذلك العذاب أنه مما يحيق على الحقيقة وإنما كان الغرق سوء عذاب لأن الغرق يعذب باحتباس النفس مدة وهو يطفو على الماء ويغوص فيه ويرعبه هول الأمواج وهو موقن بالهلاك ثم يكون عرضه لأكل الحيتان حيا وميتا وذلك ألم في الحياة وخزي بعد الممات يذكرون به بين الناس .
وقوله ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) يجوز أن يكون جملة وقعت بدلا من جملة ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) فيجعل ( النار ) مبتدأ ويجعل جملة ( يعرضون عليها ) خبرا عنه ويكون مجموع الجملة من المبتدأ وخبره بدل اشتمال من جملة ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ) لأن سوء العذاب إذا أريد به الغرق كان مشتملا على موتهم وموتهم يشتمل على عرضهم على النار غدوا وعشيا فالمذكور عذابان : عذاب الدنيا عذاب الغرق وما يلحق به من عذاب قبل عذاب يوم القيامة .
ويجوز أن يكون ( النار ) بدلا مفردا من ( سوء العذاب ) بدلا مطابقا وجملة ( يعرضون عليها ) حالا من ( النار ) فيكون المذكور في الآية عذابا واحدا ولم يذكر عذاب الغرق .
وعلى كلا الوجهين فالمذكور ي الآية عذاب قبل عذاب يوم القيامة فذلك هو المذكور بعده بقوله ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب )