وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعدل عن اسم الجلالة إلى الصفتين ( العزيز الغفار ) لإدماج الاستدلال على استحقاقه الإفراد بالإلهية والعبادة بوصفه ( العزيز ) لأنه لا تناله الناس بخلاف أصنامهم فإنها ذليلة توضع على الأرض ويلتصق بها القتام وتلوثها الطيور بذرقها ولإدماج ترغيبهم في الإقلاع عن الشرك بأن الموحد بالإلهية يغفر لهم ما سلف من شركهم حتى لا ييأسوا من عفوه بعد أن أساءوا إليه .
وجملة ( لا جرم أن ما تدعونني ) بيان لجملة ( تدعونني لأكفر بالله ) .
وكلمة ( لا جرم ) بفتحتين في الأفصح من لغات ثلاث فيها كلمة يراد بها معنى لا يثبت أو لابد فمعنى ثبوته لأن الشيء الذي لا ينقطع هو باق وكل لك يؤول إلى معنى حق وقد يقولون : لا ذا جرم ولا أن ذا جرم ولا عن ذا جرم ولا جر بدون ميم ترخيما للتخفيف .
والأظهر أن ( جرم ) اسم لا فعل لأنه لو كان فعلا لكان ماضيا بحسب صيغته فيكون دخول ( لا ) عليه من خصائص استعمال الفعل في الدعاء .
والأكثر أن يقع بعدها ( أن ) المفتوحة المشددة فيقدر معها حرف ( في ) ملتزما حذفه غالبا . والتقدير : لا شك في أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة .
وتقدم بيان معنى ( لا جرم ) وأن جرم فعل أو اسم عند قوله تعالى ( لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون ) في سورة هود .
وما صدق ( ما ) الأصنام وأعيد الضمير عليها مفردا في قوله ( ليس له ) مراعاة لإفراد لفظ ( ما ) .
وقوله ( لا جرم أن ما تدعونني إليه ) إلى قوله ( أصحاب النار ) واقع موقع التعليل لجملتي ( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) لأنه إذا تحقق أن لا دعوة للأصنام في الدنيا بدليل ولا يفيدهم دعاؤها ولا نداؤها . وتحقق إذن أن المرجو للإنعام في الدنيا والآخرة هو الرب الذي يدعوهم هو إليه . وهذا دليل إقناعي غير قاطع للمنازع في إلهية رب هذا المؤمن ولكنه أراد إقناعهم واستحفظهم دليله لأنهم سيظهر لهم قريبا أن رب موسى له دعوة في الدنيا ثقة منه بأنهم سيرون انتصار موسى على فرعون ويرون صرف فرعون عن قتل موسى بعد عزمه عليه فيعلمون أن الذي دعا إليه موسى هو المتصرف في الدنيا فيعلمون أنه المتصرف في الآخرة .
A E ومعنى ( ليس له دعوة ) انتفاء أن يكون الدعاء إليه بالعبادة أو الالتجاء نافعا لا نفي وقوع الدعوة لأن وقوعها مشاهد . فهذا من باب " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وقولهم : ليس ذلك بشيء نافع وبهذا تعلم أن " دعوة " مصدر متحمل معنى ضمير فاعل أي ليست دعوة داع وأن ضمير " له " عائد إلى " ما " الموصولة أي لا يملك دعوة الداعين أي لا يملك إجابتهم .
وعطفت على هذه الجملة جملة ( وأن مردنا إلى الله ) عطف اللازم على ملزومه لأنه إذ تبين أن رب موسى المسمى ( الله ) هو الذي له الدعوة تبين أن المرد أي المصير إلى الله في الدنيا بالالتجاء والاستنصار وفي الآخرة بالحكم والجزاء .
ولو عطفت مضمون هذه الجملة بالفاء المفيدة للتفريع لكانت حقيقة بها ولكن عدل عن ذلك إلى عطفها بالواو اهتماما بشأنها لتكون مستقلة الدلالة بنفسها غير باحث سامعها على ما ترتبط به لأن الشيء المتفرغ على شيء يعتبر تابعا له كما قال الأصوليون في أن جواب السائل غير المستقل بنفسه تابع لعموم السؤال .
وكذلك جملة ( وأن المسرفين هم أصحاب النار ) بالنسبة إلى تفرع مضمونها على مضمون جملة ( وأن مردنا إلى الله لأنه إذا كان المصير إليه كان الحكم والجزاء بين الصائرين إليه من مثاب ومعاقب فيتعين أن المعاقب هم الكافرون بالله .
فالإسراف هنا : إفراط الكفر ويشمل ما قيل : إنه أريد هنا سفك الدم بغير حق ليصرف فرعون عن قتل موسى عليه السلام . والوجه أن يعم أصحاب الجرائم والآثام . والتعريف فيه تعريف الجنس المفيد للاستغراق وهو تعريض بالذين يخاطبهم إذ هم مسرفون على كل تقدير فهم مسرفون في إفراط كفرهم بالرب الذي دعا إليه موسى ومسرفون فيما يستتبعه ذلك من المعاصي والجرائم فضمير الفصل في قوله ( هم أصحاب النار ) يفيد قصرا ادعائيا لأنهم المتناهون في صحبة النار بسبب الخلود بخلاف عصاة المؤمنين وهذا لحمل كلام المؤمن على موافقة الواقع لأن المظنون به أنه نبيء أو ملهم وإلا فإن المقام مقام تمييز حال المؤمنين من حال المشركين وليس مقام تفصيل درجات الجزاء في الآخرة