وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأدخل قومه في الخطاب فناداهم ليستهويهم إلى تعضيده أمام فرعون فلا يجد فرعون بدا من الانصياع إلى اتفاقهم وتظاهرهم وأيضا فإن تشريك قومه في الموعظة أدخل في باب النصيحة فابتدأ بنصح فرعون لأنه الذي بيده الأمر والنهي وثنى بنصيحة الحاضرين من قومه تحيرا لهم من مصائب تصيبهم من جراء امتثالهم أمر فرعون بقتل موسى فإن ذلك يهمهم كما يهم فرعون . وهذا الترتيب في إسداء النصيحة نظير الترتيب في قول النبي ص " ولأئمة المسلمين وعامتهم " .
ولا يخفى ما في ندائهم بعنوان أنهم قومه من الاستصغاء لنصحه وترقيق قلوبهم لقوله .
وابتداء الموعظة بقوله ( لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض ) تذكير بنعمة الله عليهم وتمهيد لتخويفهم من غضب الله يعني : لا تغرنكم عظمتكم وملككم فإنها معرضان للزوال إن غضب الله عليكم .
والمقصود : تخويف فرعون من زوال ملكه ولكنه جعل الملك لقومه لتجنب مواجهة فرعون بفرض زوال ملكه .
والأرض : أرض مصر أي نافذا حكمكم في هذا الصقع .
وفرع على هذا التمهيد ( فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا ) و ( من ) للاستفهام الإنكاري عن كل ناصر فالمعنى : فلا نصر لنا من بأس الله .
وأدمج نفسه مع قومه في ( ينصرنا ) و ( جاءنا ) ليريهم أنه يأبى لقومه ما يأباه لنفسه وأن المصيبة إن حلت لا تصيب بعضهم دون بعض .
ومعنى ( ظاهرين ) غالبين وتقدم آنفا أي إن كنتم قادرين على قتل موسى فالله قادر على هلاككم .
والبأس : القوة على العدو والمعاند فهو القوة على الضر .
( قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد [ 29 ] ) تفطن فرعون إلى أنه المعرض به في خطاب الرجل المؤمن قومه فقاطعه كلامه وبين سبب عزمه على قتل موسى عليه والسلام بأنه ما عرض عليهم ذلك إلا لأنه لا يرى نفعا إلا في قتل موسى ولا يستصوب غير ذلك ويرى ذلك هو سبيل الرشاد وكأنه أراد لا يترك لنصيحة مؤمنهم مدخلا إلى نفوس ملئه خيفة أن يتأثروا بنصحه فلا يساعدوا فرعون على قتل موسى .
ولكون كلام فرعون صدر مصدر المقاطعة لكلام المؤمن جاء فعل قول فرعون مفصولا غير معطوف وهي طريقة حكاية المقاولات والمحاورة .
ومعنى ( ما أريكم ) : ما أجعلكم رائين إلا ما أراه لنفسي أي ما أشير عليكم بأن تعتقدوا إلا ما أعتقده فالرؤية علمية أي لا أشير إلا بما هو معتقدي .
والسبيل : مستعار للعمل وإضافته إلى الرشاد قرينه أي ما أهديكم وأشير عليكم إلا بعمل فيه رشاد . وكأنه يعرض بأن كلام مؤمنهم سفاهة رأي : والمعنى الحاصل من الجملة الثانية غير المعنى الحاصل من الجملة الأولى كما هو بين وكما هو مقتضى العطف .
( وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب [ 30 ] مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد [ 31 ] ) لما كان هذا تكملة لكلام الذي آمن ولم يكن فيه تعريج على محاورة فرعون على قوله ( ما أريكم إلا ما أرى ) الخ وكان الذي آمن قد جعل كلام فرعون في البين واسترسل يكمل مقالته عطف فعل قوله بالواو ليتصل كلامه بالكلام الذي قبله ولئلا يتوهم إنه قصد به مراجعة فرعون ولكنه قصد إكمال خطابه وعبر عنه بالذي آمن لأنه قد عرف بمضمون الصلة بعد ما تقدم . وإعادته نداء قومه تأكيد لما قصده من النداء الأول حسبما تقدم .
وجعل الخوف وما في معناه يتعدى إلى المخوف منه بنفسه والى المخوف عليه بحرف ( على ) قال لبيد يرثي أخاه أربد : .
أخشى على أربد الحتوف ولا ... أخشى عليه الرياح والمطرا و ( يوم الأحزاب ) مراد به الجنس لا يوم معين بقرينة إضافته إلى جمع أزمانهم متباعدة . فالتقدير : مثل أيام الأحزاب فإفراد ( يوم ) للإنجاز مثل بطن في قول الشاعر وهو من شواهد سيبويه في باب الصفة المشبهة بالفاعل : .
كلوا في بعض بطنكم تعفوا ... فإن زمانكم زمن خميص والمراد بأيام الأحزاب أيام إهلاكهم والعرب يطلقون اليوم على يوم الغالب ويوم المغلوب .
والأحزاب الأمم لأن كل أمة حزب تجمعهم أحوال واحدة وتناصر بينهم فلذلك تسمى الأمة حزبا وتقدم عند قوله تعالى ( كل حزب بما لديهم فرحون ) في سورة المؤمنين