وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( وان يك كاذبا فعليه كذبه ) رجوع إلى ضرب من إيهام الشك في صدق موسى ليكون كلامه مشتملا عل احتمالي تصديق وتكذيب يتداولهما في كلامه فلا يؤخذ عليه أنه مصدق لموسى بل يخيل إليهم أنه في حالة نظر وتأمل ليسوق فرعون وملأه إلى أدلة صدق موسى بوجه لا يثير نفورهم فالجملة عطف على جملة ( وقد جاءكم بالبينات ) فتكون حالا .
وقدم احتمال كذبه على احتمال صدقه زيادة في التباعد عن ظنهم به الانتصار لموسى فأراد أن يظهر في مظهر المهتم بأمر قومه ابتداء .
ومعنى ( وإن يك كاذبا فعليه كذبه ) استنزالهم للنظر أي فعليكم بالنظر في آياته ولا تعجلوا بقتله ولا باتباعه فإن تبين لكم كذبه فيما تحداكم به وما أنذركم به من مصائب فلم يقع شيء من ذلك لم يضركم ذلك شيئا وعاد كذبه عليه بأن يوسم بالكاذب وإن تبين لكم صدقه يصبكم بعض ما توعدكم به أي تصبكم بوارقه فتعلموا صدقه فتتبعوه وهذا وجه التعبير ب " بعض " دون أن يقول : يصبكم الذي يعدكم به . والمراد بالوعد هنا الوعد بالسوء وهو المسمى بالوعيد . أي فإن استمررتم على العناد يصبكم جميع ما توعدكم به بطريق الأولى .
وقد شابه مقام أبي بكر الصديق مقام مؤمن آل فرعون إذ آمن بالنبي A حين سمع دعوته ولم يكن من آله ويوم جاء عقبة بن أبي معيط إلى النبي A " والنبي A بفناء الكعبة " يخنقه بثوبه فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكب عقبه ودفعه وقال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم . قال علي بن أبي طالب " والله ليوم أبي بكر خير من مؤمن آل فرعون إن مؤمن آل فرعون رجل يكتم إيمانه وإن أبا بكر كان يظهر إيمانه وبذل ماله ودمه " وأقول : كان أبو بكر أقوى يقينا من مؤمن آل فرعون لأن فرعون كتم إيمانه وأبو بكر أظهر إيمانه .
وملة ( إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ) يجوز أنها من قول مؤمن آل فرعون فالمقصود منها تعليل قوله ( وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ) أي لأن الله لا يقره على كذبه فأن كان كاذبا على الله فلا يلبث أن يفتضح أمره أو يهلكه كما قال تعالى ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ) لأن اله لا يمهل الكاذب عليه ولأنه إذا جاءكم بخوارق العادات فقد تبين صدقه لأن الله لا يخرق العادة بعد تحدي المتحدي بها إلا ليجعلها أمارة على أنه مرسل منه لأن تصديق الكاذب محال على الله تعالى .
ومعنى ( يصبكم بعض الذي يعدكم ) أي مما توعدكم بوقوعه في الدنيا أو في الآخرة وكيف إذا كانت البينة نفسها مصائب تحل بهم مثل الطوفان والجراد وبقية التسع الآيات .
والمسرف : متجاوز المعروف في شيء فالمراد هنا مسرف في الكذب لأن أعظم الكذب أن يكون على الله قال تعالى ( ومن أظلم ممن افترى على الله أو قال أحي إلي ولم يوح إليه شيء ) .
وإذا كان المراد الإسراف في الكذب تعين أن قوله ( كذاب ) عطف بيان وليس خبرا ثانيا إذ ليس ثمة إسراف هنا غير إسراف الكذب وفي هذا اعتراف من هذا المؤمن بالله الذي أنكره فرعون رماه بين ظهرانيهم .
ويجوز أن تكون جملة ( إن الله لا يهدي ) إلى آخرها جملة معترضة بين كلامي مؤمن آل فرعون ليست من حكاية كلامه وإنما هي قول من جانب الله في قرآنه بقصد منها تزكية هذا الرجل المؤمن إذ هداه الله للحق وأنه تقي صادق فيكون نفي الهداية عن المسرف الكذاب كناية عن تقوى هذا الرجل وصدقه لأنه نطق عن هدى والله لا يعطي الهدى من هو مسرف كذاب .
( يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا [ 28 ] ) لما توسم نهوض حجته بينهم وأنها داخلت نفوسهم أمن بأسهم وانتهز فرصة انكسار قلوبهم فصارحهم بمقصوده من الإيمان بموسى على سنن الخطباء وأهل الجدل بعد تقرير المقدمات والحجج أن يهجموا على الغرض المقصود فوعظهم بهذه الموعظة .
A E