وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( من عندنا ) وصف للحق لإفادة أنه حق خارق للعادة لا يكون إلا من تسخير الله وتأييده وهو آيات نبوته التسع .
ووجه وقوع ( فلما جاءهم بالحق من عندنا ) بعد قوله ( أرسلنا موسى بآياتنا ) مع اتحاد مفاد الجملتين فأن مفاد جملة ( جاءهم ) مساو لمفاد جملة ( أرسلنا ) ومفاد قوله ( بالحق ) مساو لمفاد قوله ( بآياتنا وسلطان مبين ) أن الأول للتنويه برسالة موسى وعظمة موقفه أمام الأرض يومئذ وأما قوله ( فلما جاءهم بالحق ) فهو بيان لدعوته إياهم وما نشأ عنها وتقدير الكلام : رسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون فلما جاءهم بالحق فسلكت في هذا النظم طريقة الإطناب للتنويه والتشريف .
وجملة ( فقالوا ساحر كذاب ) معترضة . وأرادوا بقولهم اقتلوا أبناء الذين معه أن يرهبوا أتباعه حتى ينفضوا عنه فلا يجد أنصارا ويبقى بنو إسرائيل في خدمة المصريين .
وضمير ( جاءهم ) يحمل على أنه عائد إلى غير مذكور في اللفظ لأنه ضمير جمع يدل عليه المقام وهم أهل مجلس فرعون الذين لا يخلو عنهم مجلس الملك في مثل هذه الحوادث العظيمة كما في قوله تعالى ( وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين ) الآية . وليس عائدا إلى فرعون وهامان وقارون لأن قارون لم يكن مع فرعون حين دعاه موسى ولم يكن من المكذبين لموسى في وقت حضوره لدى فرعون ولكنه طغى بعد خروج بني إسرائيل من مصر وبلغ به طغيانه إلى الكفر كما تقدم في قصته في سورة القصص .
والضمير في قولهم ( اقتلوا ) مخاطب به فرعون خطاب تعظيم مثل ( رب ارجعون ) .
وإنما أبهم القائلون لعدم تعلق الغرض بعلمه ففعل ( قالوا ) بمنزلة المبني للنائب أو بمنزلة : قال قائل لأن المقصود قوله بعده ( وما كيد الكافرين إلا في ضلال ) . وهو محل الاعتبار لقريش بأن كيد أمثالهم كان مضاعفا فكذلك يكون كيدهم .
وهذا القتل غير القتل الذي فعله فرعون الذي ولد موسى وفي زمنه .
وسمي هذا الرأي كيدا لأنهم تشاوروا فيه فيما بينهم دون أن يعلم بذلك موسى والذين آمنوا معه وأنهم أضمروه ولم يعلنوه ثم شغلهم عن إنفاذه ما حل بهم من المصائب التي ذكرت في قوله تعالى في سورة الأعراف ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ) الآية ثم بقوله ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد ) الآية .
والضلال : الضياع والاضمحلال كقوله ( قالوا أإذا ضللنا في الأرض إنا لفي خلق جديد ) أي هذا الكيد الذي دبروه قد أخذ الله على أيديهم فلم يجدوا لإنقاذه سبيلا .
( وقل فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إ ني أخاف أضن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد [ 26 ] ) عطف ( وقال ) بالواو يدل على أنه قال هذا القول في موطن آخر ولم يكن جوابا لقولهم ( اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه ) وفي هذا الأسلوب إيماء إلى أن فرعون لم يعمل بإشارة الذين قالوا ( اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه ) وإنه سكت ولم يراجعهم بتأييد ولا إعراض ثم رأى أن الأجدر قتل موسى دون أن يقتل الذين آمنوا معه لأن قتله أقطع لفتنهم .
ومعنى ( ذروني ) إعلامهم بعزمه بضرب من إظهار ميله لذلك وانتظاره الموافقة عليه بحيث يمثل حاله وحال من يريد فعل شيء فيصد عنه فلرغبته فيه يقول لمن يصده : دعني أفعل كذا لأن ذلك التركيب مما يخاطب به الممانع والملائم ونحوهما قال طرفة : .
فأن كنت لا تستطيع دفع منيتي ... فدعني أبادرها بما ملكت يدي ثم استعمل هذا التعبير عن الرغبة ولم يكن ثمة معارض أو ممانع وهو استعمال شائع في هذا وما يرادفه مثل : دعني وخلني كما في قوله تعالى ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) وقوله ( وذرني والمكذبين ) وقول أبي قاسم السهيلي : .
دعني على حكم الهوى أتضرع ... فعسى يلين لي الحبيب ويخشع وذلك يستتبع كناية عن خطر ذلك العمل وصعوبة تحصيله لأن مثله مما يمنع المستشار مستشيره من الإقدام عليه ولذلك عطف عليه ( وليدع ربه ) لأن موسى خوفهم عذاب الله وتحداهم بالآيات التسع .
ولام الأمر في ( وليدع ربه ) مستعملة في التسوية وعدم الاكتراث .
وجملة ( إني أخاف أن يبدل دينكم ) تعليل للعزم على قتل موسى .
والخوف مستعمل في الإشفاق أي أظن ظنا قويا أن يبدل دينكم