وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فهذه الجمل اشتملت على مقدمات ثلاث تقتضي كل واحدة منها دلالة على وحدانية الله بالخلق ثم بالتصرف المطلق في مخلوقاته ثم بوضع النظم والنواميس الفطرية والعقلية والتهذيبية في نظام العالم وفي نظام البشر . وكل ذلك موجب توحيده وتصديق رسوله A والاستمساك بعروته كما رشد بذلك أهل الإيمان .
فأما الجملة الرابعة وهي ( والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون ) فتحتمل الاعتراض ولكن اقترانها بالواو بعد نظائرها يرجح أن تكون الواو فيها عاطفة وأنها مقصودة بالعطف على ما قبلها لأن فيها زيادة على مفاد الجملة قبلها وتكون مقدمة رابعة للمقصود تجهيلا للذين هم ضد المقصود من المقدمات فإن الاستدلال على الحق بإبطال ضده ضرب من ضروب الاستدلال .
لأن الاستدلال يعود إلى الترغيب وتنفير فإذا كان الذين كفروا بآيات الله خاسرين لا جرم كان الذين آمنوا بآيات الله هم الفائزين فهذه الجملة تقابل جملة ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) المنتقل منها إلى هؤلاء الآيات وهي مع ذلك مفيدة إنذارهم وتأفين آرائهم لأن موقعها بعد دلائل الوحدانية وهي آيات دالة على أن الله واحد يقتضي التنديد عليهم في عدم الاهتداء بها .
ووصف ( الذين كفروا بآيات الله ) بأنهم الخاسرون لأنهم كفروا بآيات من له مقاليد خزائن الخير فعرضوا أنفسهم للحرمان مما في خزائنه وأعظمها خزائن خير الآخرة .
وآيات الله هي دلائل وجوده ووحدانيته التي أشارت إليها الجمل الثلاث السابقة .
والإخبار عن الذين كفروا باسم الإشارة للتنبيه على أن المشار إليهم خسروا لأجل ما وصفوا به قبل اسم الإشارة وهو الكفر بآيات الله .
وتوسط ضمير الفصل لإفادة حصر الخسارة فيهم وهو قصر ادعائي بناء على عدم الاعتداد بخسارة غيرهم بالنسبة إلى خسارتهم فخسارتهم أعظم خسارة .
( قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون [ 64 ] ) هذا نتيجة المقدمات وهو المقصود بالإثبات فالفاء في قوله ( أفغير الله ) لتفريع الكلام المأمور الرسول A بأن يقوله على الكلام الموحى به إليه ليقرع به أسماعهم فإن الحقائق المتقدمة موجهة إلى المشركين فبعد تقررها عندهم وإنذارهم على مخالفة حالهم لما تقتضيه تلك الحقائق أمر الرسول A بان يوجه إليهم هذا الاستفهام الإنكاري منوعا على ما قبله إذ كانت أنفسهم قد خسئت بما جبهها من الكلام السابق تأييسها لهم من محاولة صرف الرسول A عن التوحيد إلى عبادة غير الله .
وتوسط فعل ( قل ) اعتراض بين التفريع والمفرع عنه لتصيير المقام لخطاب المشركين خاصة بعد أن كان مقام الكلام قبله مقام البيان لكل سامع من المؤمنين وغيرهم فكان قوله ( قل ) هو الواسطة في جعل التفريع خاصا بهم وهذا من بديع النظم ووفرة المعاني وهو حقيق بأن نسميه " تلوين البساط " .
و ( غبر الله ) منصوب ب ( أعبد ) الذي هو متعلق ب ( تأمروني ) على حذف حرف الجر مع ( أن ) وحذف حرف الجر مع ( أن ) كثير فقوله ( أبد ) على تقدير : أن أعبد فلما حذف الجار المتعلق ب ( تأمروني ) حذفت ( أن ) التي كانت متصلة به كما حذفت في قول طرفة : .
ألا أيهذا الزاجري احضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي وهذا استعمال جائز عند أبي الحسن الأخفش وابن مالك ونحاة الأندلس .
والجمهور يمنعونه ويجعلون قوله ( أعبد ) هو المستفهم عنه وفعل ( تأمروني ) اعتراضا أو حالا والتقدير : أأعبد غير الله حال كونكم تأمرونني بذلك ومنه قولهم في المثل : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه وفي الحديث " وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو تحمل عليها متاعه صدقة " .
A E