وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ الجمهور ( بمفازتهم ) بصيغة المفرد . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف ( بمفازاتهم ) بصيغة الجمع وهي تجري على المعنيين في المفازة لأن المصدر قد يجمع باعتبار تعدد الصادر منه أو باعتبار تعدد أنواعه وكذلك تعدد أمكنة الفوز بتعدد الطوائف وعلى هذا بإضافة المفازة إلى ضمير ( الذين اتقوا ) لتعريفها بهم أي المفازة التي علمتم أنها لهم وهي الجنة وأعنابا وكواعب أترابا ) .
وجملة ( لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ) مبينة لجملة ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ) لأن نفي مس السوء هو إنجاؤهم ونفي الحزن عنهم نفي لأثر المس السوء .
وجيء في جانب نفي السوء هو بالجملة الفعلية لأن ذلك لنفي حالة أهل النار عنهم وأهل النار في مس من السوء متجدد . وجيء في نفي الحزن عنهم بالجملة الاسمية لأن أهل النار أيضا في حزن وغم ثابت لازم لهم .
ومن لطيف التعبير هذا التفنن فإن شأن الأسواء الجسدية تجدد آلامها وشأن الأكدار القلبية دوام الإحساس بها .
( الله خالق كل شيء وكيل [ 62 ] له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله ألئك هم الخاسرون [ 63 ] ) هذا استئناف ابتدائي تمهيد لقوله ( قل أفغير الله تأمروني أعبد ) في ذكر تمسك الرسول A والرسل من قبله بالتوحيد ونبذ الشرك والبراءة منه والتصلب في مقاومته والتصميم على قطع دابره وجعلت الجمل الثلاث من قوله ( الله خالق كل شيء ) إلى قوله ( السماوات والأرض ) مقدمات تؤيد ما يجيء بعدها من قوله ( أفغير الله تأمروني أعبد ) .
وقد اشتمل هذا الاستئناف ومعطوفاته على ثلاث جمل وجملة رابعة : فالجملة الأولى ( الله خالق كل شيء ) وهذه الجملة أدخلت كل موجود في أنه مخلوق لله تعالى فهو ولي التصرف فيه لا يخرج من ذلك إلا ذات الله تعالى وصفاته فهي مخصوصة من هذا العموم بدليل العقل وهو أنه خالق كل شيء فلو كان خالق نفسه أو صفاته لزم توقف الشيء على ما يتوقف هو عليه وهذا ما يسمى بالدور في الحكمة وإلزام الناس بتوحيده لأنه خالقهم وليس في هذا قصد ثناء ولا تعاظم والمقصود من هذه المقدمة تذكير الناس بأنهم جميعا هم وما معهم عبيد لله وحده ليس لغيره منة عليهم بالإيجاد .
الجملة الثانية ( وهو على كل شيء وكيل ) وجيء بها عطوفة لأن مدلولها مغاير لمدلول التي قبلها . والوكيل المتصرف في شيء بدون تعقب ولما لم يعلق بذلك الوصف شيء علم أنه موكول إليه جنس التصرف وحقيقته التي تعم جميع أفراد ما يتصرف فيه فعم تصرفه أحوال جميع الموجودات من تقدير الأعمال والآجال والحركات وهذه المقدمة تقتضي الاحتياج إليه بالإمداد فهم بعد أن أوجدهم لم يستغنوا عنه لمحة ما .
الجملة الثالثة ( له مقاليد السماوات والأرض ) وجيء بها مفصولة لأنها تفيد بيان الجملة التي قبلها فإن الوكيل على شيء يكون هو المتصرف في العطاء والمنع .
والمقاليد : جمع إقليد بكسر الهمزة وسكون القاف وهذا جمع على غير قياس وإقليد قيل معرب عن الفارسية وأصله " كليد " قيل من الرومية وأصله " اقليدس " وقيل كلمة يمنية وهو مما تقاربت فيه اللغات . وهي كناية عن حفظ ذخائرها فذخائر الأرض عناصرها ومعادنها وكيفيات أجوائها وبحارها وذخائر السماوات سير كواكبها وتصرفات أرواحها في عوالمها وعوالمنا . وما لا يعلمه إلا الله تعالى . ولما كانت تلك العناصر والقوى شديدة النفع للناس وكان الناس في حاجة إليها شبهت بنفائس المخزونات فصح أيضا أن تكون المقاليد استعارة مكنية وهي أيضا استعارة مصرحة للأمر الإلهي التكويني والتسخيري الذي يفيض به على الناس من تلك الذخائر المدخرة كقوله تعالى ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) .
A E وهذه المقدمة تشير إلى أن الله هو معطي ما يشاء لمن يشاء من خلقه ومن أعظم ذلك النبوة وهدي الشريعة فإن جهل المشركين بذلك هو الذي جرأهم على أن أنكروا اختصاص محمد A بالرسالة دونهم واختصاص أتباعه بالهدى فقالوا ( أهؤلاء من الله عليهم من بيننا )