وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ونسبة شيء إلى الله أمرها خطير ولذلك قال أئمتنا : إن الحكم المقيس غير المنصوص يجوز أن يقال هو دين الله ولا يجوز أن يقال : قاله الله .
ولذلك فجملة ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) واقعة موقع الاستئناف البياني لجملة ( ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) على كلا المعنيين لأن السامع يسأل عن سبب اسوداد الوجوه فيجاب بان في جهنم مثواهم يعني لأن السواد يناسب ما سيفلح وجوههم من مس النار فأجيب بطريقة الاستفهام التقريري بتنزيل السائل المقدر منزلة من يعلم أن مثواهم جهنم فلا يليق به أن بغفل عن ناسبة سواد وجوههم لمصيرهم إلى النار فإن للدخائل عناوينها وهذا الاستفهام كما في قوله تعالى ( لقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) وكقول أبي مسعود الأنصاري للمغيرة بن شعبة حين كان أمير الكوفة وقد أخر الصلاة يوما " ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى فصلى رسول الله A " . وكقول الحجاج في خطبته في أهل الكوفة " ألستم أصحابي بالأهواز حين رمتم الغدر " الخ .
والتكبر : شدة الكبر ومن أوصاف الله تعالى المتكبر والكبر : إظهار المرء التعاظم على غيره لأنه يعد نفسه عظيما .
وتعريف المتكبرين هنا للاستغراق وأصحاب التكبر مراتب أقواها الشرك قال تعالى ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) وهو المعني بقول النبي A " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ولا يدخل النار من كان في قلبه حبة خردل من إيمان ) أخرجه مسلم عن ابن مسعود ألا ترى أنه قابله بالإيمان ودونه مراتب كثيرة متفاوتة في قوة حقيقة ماهية التكبر وكلها مذمومة . وما يدور على الألسن : أن لكبر على أهل الكبر عبادة فليس بصحيح .
وفي وصفهم بالمتكبرين إيماء إلى أن عقابهم بتسويد وجوههم كان مناسبا لكبريائهم لأن المتكبر إذا كان سيئ الوجه انكسرت كبرياؤه لأن الكبرياء تضعف بمقدار شعور صاحبها بمعرفة الناس نقائصه .
( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون [ 61 ] ) عطف على جملة ( ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) إلى آخرها أي وينجي الله الذين اتقوا من جهنم لأنهم ليسوا بمتكبرين .
وهذا إيذان بأن التقوى تنافي التكبر لأن التقوى كمال الخلق الشرعي وتقتضي اجتناب المنهيات وامتثال الأمر في الظاهر والباطن والكبر مرض قلبي باطني فإذا كان الكبر ملقيا صاحبه في النار بحكم قوله ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) فضد أولئك ناجون منها وهم المتقون إذ التقوى تحول دون أسباب العقاب التي منها الكبر فالذين اتقوا هم أهل التقوى وهي معروفة ولذلك ففعل ( اتقوا ) منزل منزلة اللازم لا يقدر له مفعول .
والمفازة يجوز أن تكون مصدرا ميميا للفوز وهو الفلاح مثل المتاب وقوله تعالى ( إن للمتقين مفازا ) ولحاق التاء به من قبيل لحاق هاء التأنيث بالمصدر في نحو قوله تعالى ( ليس لوقعتها كاذبة ) . وتقدم ذلك في اسم سورة الفاتحة وعند قوله تعالى ( فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ) في آل عمران والباء للملابسة أي متلبسين بالفوز أو الباء للسببية أي بسبب ما حصلوا عليه من الفوز .
ويجوز أن تكون المفازة اسم للفلاة كما في قول لبيد : A E .
لورد تقلص الغيطان عنه ... يبذ مفازة الخمس الكمال سميت مفازة باسم مكان الفوز أي النجاة وتأنيثها بتأويل البقعة وسموها مفازة باعتبار أن من حل بها سلم من أن يلحقه عدوه كما قال العديل : .
ودون يد الحجاج من أن تنالني ... بساط بأيدي انا عجات عريض وقول النابغة : .
تدافع الناس عنا حين نركبها ... من المظالم تدعى أم صبار وعلى هذا المعنى فالباء بمعنى ( في ) . والمفازة : الجنة . وإضافة مفازة إلى ضميرهم كناية عن شدة تلبسهم بالفوز حتى عرف بهم كما يقال : فاز فوز فلان