وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والحسرة : الندامة الشديدة . واللف عوض عن ياء المتكلم . وقرأ أبو جعفر وحده ( يا حسرتاي ) بالجمع بين ياء المتكلم والألف التي جعلت عوضا عن الياء في قولهم ( يا حسرتا ) . والأشهر عن أبي جعفر أن الياء التي بعد اللف مفتوحة .
وتعدية الحسرة بحرف الاستعلاء كما هو غالبها للدلالة على تمكن التحسر من مدخول ( على ) .
و ( ما ) في ( ما فرطت ) مصدرية أي على تفريطي في جنب الله .
والتفريط : التضييع والتقصير يقال : فرطه . والأكثر أن يقال : فرط فيه .
والجنب والجانب مترادفان وهو ناحية الشيء ومكانه ومنه و ( الصاحب بالجنب ) أي الصاحب المجاور .
وحرف ( في ) هنا يجوز أن يكون لتعدية فعل ( فرطت ) فلا يكون للفعل مفعول ويكون المفرط فيه هو جنب الله أي جهته ويكون الجنب مستعار للشان والحق أي شأن الله وصفاته ووصاياه تشبيها لها بمكان السيد وحماه إذا أهمل حتى اعتدي عليه أو اقفز كما قال سابق البربري : .
أما تتقين الله في جنب وامق ... له كبد حرى عليك تقطع أو يكون جملة ( فرطت في جنب الله ) تمثيلا لحال النفس التي أوقفت للحساب والعقاب بحال العبد الذي عهد إليه سيده حراسة حماه ورعاية ماشيته فأهملها حتى رعي الحمى وهلكت المواشي وأحضر للثقاف فيقول : يا حسرتا على ما فرطت في جنب سيدي .
وعلى هذا الوجه يجوز إبقاء الجنب على حقيقته لأن التمثيل يعتمد تشبيه الهيئة بالهيئة .
ويجوز أن تكون ( ما ) موصولة وفعل ( فرطت ) متعديا بنفسه على أحد الاستعمالين ويكون المفعول محذوفا وهو الضمير المحذوف العائد إلى الموصول وحذفه في مثله كثير ويكون المجرور ب ( في ) حالا من ذلك الضمير أي كائنا ما فرطته في جانب الله .
وجملة ( وإن كنت لمن الساخرين ) خبر مستعمل في إنشاء الندامة على ما فاتها من قبول ما جاءها به الرسول من الهدى فكانت تسخر منه والجملة حال من فاعل فرطت أي فرطت في جنب الله تفريط الساخر لا تفريط الغافل وهذا إقرار بصورة التفريط .
و ( إن ) مخخفة من ( إن ) المشددة واللام في ( لمن الساخرين ) فارقة بين ( إن ) المخففة و ( إن ) النافية .
و ( من الساخرين ) أشد مبالغة في الدلالة على اتصافهم بالسخرية من أن يقال : وإن كنت لسارين ما تقدم غير تقدم غير مرة منها عند قوله تعالى ( قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) في سورة البقرة .
ومعنى ( أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ) إنهم يقولونه لقصد الاعتذار والتنصل تعيد أذهانهم ما اعتادوا الاعتذار به للنبي A كما حكى الله عنهم ( وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ) وهم كانوا يقولونه لقصد إفحام النبي حين يدعوهم فبقي ذلك التفكير عالقا بعقولهم حين يحضرون للحساب .
والكلام في ( من المتقين ) مثله في ( من الساخرين ) .
وأما قولها حين ترى العذاب ( لو أن لي كرة ) فهو تمن محض . و ( لو ) فيه للتمني وانتصب ( فأكون ) على جواب التمني .
والكرة : الرجعة . وتقدم في قوله ( فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ) في سورة الشعراء أي كرة إلى الدنيا فأحسن وهذا اعتراف بأنها علمت أنها كانت من المسيئين .
A E وقد حكي كلام النفس في ذلك الموقف على ترتيبه الطبيعي في جولانه في الخاطر بالابتداء بالتحسر على ما أوقعت فيه نفسها ثم الاعتذار والتنصل طمعا أن ينجيها ذلك ثم بتمني أن تعود إلى الدنيا لتعمل الإحسان كقوله تعالى ( قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) . فهذا الترتيب في النظم هو أحكم ترتيب ولو رتب الكلام على خلافه لفاتت الإشارة إلى تولد هذه المعاني في الخاطر حينما يأتيهم العذاب وهذا هو الأصل في الإنشاء إلى تولد ما لم يوجد ما يقتضي العدول عنه كما بينته في كتاب أصول الإنشاء والخطابة .
( بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين [ 59 ] ) ( بلى ) حرف لإبطال منفي أو فيه رائحة النفي لقصد إثبات ما نفي قبله فتعين أن تكون هنا جوابا لقول النفس ( لو أن الله هداني لكنت من المتقين ) لما تقتضيه ( لو ) التي استعملت للتمني من انتفاء ما تمناه وهو أن يكون الله هداه ليكون من المتقين أي لم يهدني الله فلم أتق . وجملة ( قد جاءتك آياتي ) تفصيل للإبطال وبيان له وهو مثل الجواب بالتسليم بعد المنع أي هداك الله