وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقدم نظير هذه الآية في قوله ( قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ) آخر سورة يونس وفي قوله ( وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ) في آخر سورة النمل ولكن جيء في تينك الآيتين بصيغة قصر الاهتداء على نفس المهتدي وترك ذلك في هذه السورة ووجه ذلك أن تينك الآيتين واردتان بالأمر بمخاطبة المشركين فكان المقام فيهما مناسبا لإفادة أن فائدة اهتدائهم لا تعود إلا لأنفسهم أي ليست لي منفعة من اهتدائهم خلافا لهذه الآية فإنها خطاب موجه من الله إلى رسوله A ليس فيها حال من ينزل منزلة المدل باهتدائه .
أما قوله ( ومن ضل فإنما يضل عليها ) فصيغة القصر فيه لتنزيل الرسول A في أسفه على ضلالهم المفضي بهم إلى العذاب منزلة من يعود عليه من ضلالهم ضر فخوطب بصيغة القصر وهو قصر قلب على خلاف مقتضى الظاهر . ولذلك اتحدت الآيات الثلاثاء في الاشتمال على القصر بالنسبة لجانب ضلالهم فإن قوله في سورة النمل ( فقل إنما أنا من المنذرين . وهذه نكت من دقائق إعجاز القرآن .
وقوله ( وما أنت عليهم بوكيل ) القول فيه في ( وما أنا عليكم بوكيل ) في سورة يونس .
وجملة ( وما أنت عليهم بوكيل ) عطف على جملة ( فمن اهتدى فلنفسه ) أي ليست مأمورا بإرغامهم على الاعتداء فصيغ هذا الخبر في جملة اسمية للدلالة على ثبات حكم هذا النفي .
( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [ 42 ] ) يصلح هذا أن يكون مثلا لحال ضلال الضالين وهدى المهتدين نشأ عن قوله ( فمن اهتدى فلنفسه ) إلى قوله ( وما أنت عليهم بوكيل ) .
والمعنى : أن استمرار الضال على ضلالة قد يحصل بعه اهتداء وقد يوافيه أجله وهو في ضلاله فضرب المثل لذلك بنوم النائم قد تعقبه إفاقة وقد يموت النائم في نومه وهذا تهوين على نفس النبي A برجاء إيمان كثير ممن هم يومئذ في ضلال وشرك كما تحقق ذلك . فتكون الجملة تعليلا للجملة قبلها ولها اتصال بقوله ( أفمن شرح الله صدره للإسلام ) إلى قوله ( أولئك في ضلال مبين ) .
A E ويجوز أن يكون انتقالا إلى استدلال على تفرد الله تعالى بالتصرف في الأحوال فإنه ذكر دليل التصرف بخلق الذوات ابتداء من قوله ( خلق السماوات والأرض بالحق ) إلى قوله ( في ظلمات ثلاث ) ثم دليل التصرف بخلق أحوال ذوات وإنشاء ذوات من تلك الأحوال وذلك من قوله ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) إلى قوله ( لأولي اللباب ) وأعقب كل دليل بما يظهر فيه أثره من الموعظة والعبرة والزجر عن مخالفة مقتضاه فانتقل هنا إلى الاستدلال بحالة عجيبة من أحوال أنفس المخلوقات وهي حالة الموت وحالة النوم . وقد أنبأ عن الاستدلال قوله ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) فهذا دليل للناس من أنفسهم قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) وقال ( ضرب لكم مثلا من أنفسكم ) فتكون الجملة استئنافا ابتدائيا للتدرج في الاستدلال ولها اتصال بجملة ( خلق السماوات والأرض بالحق ) وجملة ( ألم تر أن الله أنزل ) المتقدمتين وعلى كلا الوجهين أفادت الآية إبراز حقيقتين عظميتين من نواميس الحياتين النفسية والجسدية وتقديم اسم الجلالة على الخبر الفعلي لإفادة تخصيصه بمضمون الخبر أي الله يتوفى لا غيره فهو قصر حقيقي لإظهار فساد أن أشركوا به آلهة لا تملك تصرفا في أحوال الناس .
والتوفي : الإماتة وسميت توفيا لأن الله إذا أمات أحدا فقد توفاه أجله فالله المتوفي وملك الموت متوف أيضا لأنه مباشر التوفي .
والميت : متوفى بصيغة المفعول وشاع ذلك فصار التوفي مرادفا للإماتة والوفاة مرادفة للموت بقطع النظر عن كيفية تصريف ذلك واشتقاقه من مادة الوفاء .
وتقدم في قوله تعالى ( والذين يتوفون منكم ) في سورة البقرة وقوله ( قل يتوفاكم ملك الموت ) في سورة السجدة .
والأنفس : جمع نفس وهي الشخص والذات قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ) وتطلق على الروح الذي به الحياة والإدراك .
ومعنى التوفي يتعلق بالأنفس على كلا الإطلاقين