وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والتأمل في هذه الآية يقوي الظن بأن الذبيح إسماعيل فإنه ظاهر قوي في أن المأمور بذبحه هو الغلام الحليم في قوله ( فبشرناه بغلام حليم ) وأنه هو الذي سأل إبراهيم ربه أن يهب له فساقت الآية قصة الابتلاء بذبح هذا الغلام الحليم الموهوب لإبراهيم ثم أعقبت قصته بقوله تعالى ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) وهذا قريب من دلالة النص على أن إسحاق هو غير الغلام الحليم الذي مضى الكلام على قصته لأن الظاهر أن قوله ( وبشرناه ) بشارة ثانية وأن ذكر اسم إسحاق يدل على أنه غير الغلام الحليم الذي أجريت عليه الضمائر المتقدمة . فهذا دليل أول .
الدليل الثاني : أن الله لما ابتلى إبراهيم بذبح ولده كان الظاهر أن الابتلاء وقع حين لم يكن لإبراهيم ابن غيره لأن ذلك أكمل في الابتلاء كما تقدم .
الدليل الثالث : أن الله تعالى ذكر ( فبشرناه بغلام حليم ) عقب ما ذكر من قول إبراهيم ( رب هب لي من الصالحين ) فدل على هذا الغلام الحليم الذي أمر بذبحه هو المبشر به استجابة لدعوته وقد ظهر أن المقصود من الدعوة أن لا يكون عقيما يرثه عبيد بيته كما جاء في سفر التكوين وتقدم آنفا .
A E الدليل الرابع : أن إبراهيم بنى بيتا الله بمكة قبل أن يبني بيتا آخر بنحو أربعين سنة كما في حديث أبي ذر عن النبي A ومن شأن بيوت العبادة في ذلك الزمان أن تقرب فيها القرابين فقربان أعز شيء على إبراهيم هو المناسب لكونه قربانا لأشرف هيكل . وقد بقيت في العرب سنة الهدايا في الحج كل عام وما تلك إلا تذكرة لأول عام أمر فيه إبراهيم بذبح ولده وأنه الولد الذي بمكة .
الدليل الخامس : أن أعرابيا قال للنبي A يابن الذبيحين فعلم مراده وتبسم وليس في آباء النبي A ذبيح غير عبد الله وإسماعيل .
الدليل السادس : ما وقع في سفر التكوين في الإصحاح الثاني والعشرين أن الله امتحن إبراهيم فقال له " خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المريا وأصعد هنالك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك " إلى آخر القصة . ولم يكن إسحاق ابنا وحيدا لإبراهيم فإن إسماعيل ولد قبله بثلاث عشرة سنة . ولم يزل إبراهيم وإسماعيل متواصلين وقد ذكر في الإصحاح الخامس والعشرين من التكوين عند ذكر موت إبراهيم عليه السلام " ودفنه إسحاق وإسماعيل ابناه " فإقحام اسم إسحاق بعد قوله : ابنك وحيدك من زيادة كاتب التوراة .
الدليل السابع : قال صاحب الكشاف " ويدل عليه أن قرني الكبش كانا منوطين في الكعبة في أيدي بني إسماعيل إلى أن احترق البيت في حصار ابن الزبير " اه . وقال القرطبي عن ابن عباس " والذي نفسي بيده لقد كان أول الإسلام وأن رأس الكبش لمعلق بقرنيه من ميزات الكعبة وقد يبس . قلت : وفي صحبة كون ذلك الرأس رأس كبش الفداء من زمن إبراهيم نظر .
الدليل الثامن : أنه وردت روايات في حكمة تشريع الرمي في الجمرات من عهد الحنيفية أن الشيطان تعرض لإبراهيم ليصده عن المضي في ذبح ولده وذلك من مناسك الحج لأهل مكة ولم تكن ليهود سنة ذبح معين .
وذكر القرطبي عن ابن عباس : أن الشيطان عرض لإبراهيم عند الجمرات ثلاث مرات فرجمه في كل مرة بحصيات حتى ذهب من عند الجمرة الأخرى . وعنه : أن موضع معالجة الذبح كان عند الجمار وقيل عند الصخرة التي في أصل جبل ثبير بمنى .
الدليل التاسع : أن القرآن صريح في أن الله لما بشر إبراهيم بإسحاق قرن تلك البشارة بأنه يولد لإسحاق يعقوب قال تعالى ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) وكان ذلك بمحضر إبراهيم فلو ابتلاه الله بذبح إسحاق لكان الابتلاء صوريا لأنه واثق بأن إسحاق يعيش حتى يولد له يعقوب لأن الله لا يخلف الميعاد . ولما بشره بإسماعيل لم يعده بأنه سيولد له وما ذلك إلا توطئة لابتلائه بذبحه فقد كان إبراهيم يدعو لحياة ابنه إسماعيل . فقد جاء في سفر التكوين الإصحاح السابع عشر " وقال إبراهيم لله : ليت إسماعيل يعيش أمامك فقال الله : بل سارة تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده " . ويظهر أن هذا وقع بعد الابتلاء بذبحه