وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتبع المتنبي إطلاق العامة وهو خطأ وقد نبه على ذلك ابن قتيبة في أدب الكتاب ولم يتعقبه ابن السيد البطليوسي في الاقتضاب ولكن الحريري لم يعده في أوهام الخواص فلعله أن يكون غفل عنه وذكر مرتضى في تاج العروس عن شيخه تصحيح إطلاق الجبين على الجبهة مجازا بعلاقة المجاورة وأنشد قول زهير : .
يقيني بالجبين ومنكبيه ... وأدفعه بمطرد الكعوب وزعم أن شارح ديوان زهير ذكر ذلك .
وهذا لا يصحح استعماله إلا عند قيام القرينة لأن المجاز إذا لم يكثر لا يستحق أن يعد في معاني الكلمة على أنا لا نسلم أن زهير أراد من الجبين الجبهة . ولم يذكر هذا في الأساس .
والمعنى : أنه ألقاه على الأرض على جانب بحيث يباشر جبينه الأرض من شدة الاتصال .
ومناداة الله إبراهيم بطريق الوحي بإرسال الملك أسندت المناداة إلى الله تعالى لأنه الآمر بها .
A E وتصديق الرؤيا : تحقيقها في الخارج بأن يعمل صورة العمل الذي رآه يقال : رؤيا صادقة إذا حصل بعدها في الواقع ما يماثل صورة ما رآه الرائي قال الله تعالى ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق ) . وفي حديث عائشة " أول ما بدئ به رسول الله A من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح " . وبضد ذلك يقال : كذبت الرؤيا إذا حصل خلاف ما رأى . وفي الحديث " إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن " فمعنى ( قد صدقت الرؤيا ) قد فعلت مثل صورة ما رأيت في النوم أنك تفعله . وهذا ثناء من الله تعالى على إبراهيم بمبادرته لامتثال الأمر ولم يتأخر ولا سأل من الله نسخ ذلك .
والمراد : أنه صدق ما رآه إلى حد إمرار السكين على رقبة ابنه فلما ناداه جبريل بأن لا يذبحه كان ذلك الخطاب نسخا لما في الرؤيا من إيقاع الذبح وذلك جاء من قبل الله لا من تقصير إبراهيم فإبراهيم صدق الرؤيا إلى أن نهاه الله عن إكمال مثالها فأطلق على تصديقه أكثرها أنه صدقها وجعل ذبح الكبش تأويلا لذبح الولد الواقع في الرؤيا .
وجملة ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) تعليل لجملة ( وناديناه ) لأن نداء الله إياه ترفيع لشأنه فكان ذلك النداء جزاء على إحسانه .
وهذه الجملة يجوز أن تكون من خطاب الله تعالى إبراهيم ويجوز أن تكون معترضة بين جمل خطاب إبراهيم والإشارة في قوله ( كذلك ) إلى المصدر المأخوذ من فعل ( صدقت ) من المصدر وهو التصديق مثل عود الضمير على المصدر المأخوذ من ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) أي إنا نجزي المحسنين كذلك التصديق أي مثل عظمة ذلك التصديق نجزي جزاء عظيما للمحسنين أي الكاملين في الإحسان أي وأنت منهم .
ولما يتضمنه لفظ الجزاء من معنى المكافأة ومماثلة المجزي عليه عظم شأن الجزاء بتشبيهه بمشبه مشار إليه بإشارة البعيد المفيد بعدا اعتباريا وهو الرفعة وعظم القدر في الشرف فالتقدير : إنا نجزي المحسنين جزاء كذلك الإحسان الذي أحسنت به بتصديقك الرؤيا مكافأة على مقدار الإحسان فإنه بذل أعز الأشياء عليه في طاعة ربه فبذل الله إليه من أحسن الخيرات التي بيده تعالى فالمشبه والمشبه به معقولان إذ ليس واحد منهما بمشاهد ولكنهما متخيلان بما يتسع له التخيل المعهود عند المحسنين مما يقتضيه اعتقادهم في وعد الصادق من جزاء القدر العظيم قال تعالى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) .
ولما أفاد اسم الإشارة من عظمة الجزاء أكد الخبر ب ( إن ) لدفع توهم المبالغة أي هو فوق ما تعهده في العظمة وما تقدره العقول .
وفهم من ذكر المحسنين أن الجوزاء إحسان بمثل الإحسان فصار المعنى : إنا كذلك الإحسان العظيم الذي أحسنته نجزي المحسنين فهذا وعد بمراتب عظيمة من الفضل الرباني وتضمن وعد ابنه بإحسان مثله من جهة نوط الجزاء بالإحسان وقد كان إحسان الابن عظيما ببذل نفسه .
وقد أكد ذلك بمضمون جملة ( إن هذا لهو البلاء المبين ) أي هذا التكليف الذي كلفناك هو الاختبار البين أي الظاهر دلالة على مرتبة عظيمة من امتثال أمر الله .
واستعمل لفظ البلاء مجازا في لازمه وهو الشهادة بمرتية من لو اختير بمثل ذلك التكليف لعلمت مرتبته في الطاعة والصبر وقوة اليقين