وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والفاء في قوله ( فانظر ماذا ترى ) فاء تفريع أو هي فاء الفصيحة أي إذا علمت هذا فانظر ماذا ترى .
والنظر هنا نظر العقل لا نظر البصر فحقه أن يتعدى إلى مفعولين ولكن علقه الاستفهام عن العمل .
والمعنى : تأمل في الذي تقابل به هذا الأمر وذلك لأن الأمر لما تعلق بذات الغلام كان للغلام حظ في الامتثال وكان عرض إبراهيم هذا على ابنه عرض اختيار لمقدار طواعيته بإجابة أمر الله في ذاته لتحصل له بالرضى والامتثال مرتبة بذل نفسه في إرضاء الله وهو لا يرجو من ابنه إلا القبول لأنه أعلم بصلاح ابنه وليس إبراهيم مأمور بذبح ابنه جبرا بل الأمر بالذبح تعلق بمأمورين : أحدهما بتلقي الوحي والآخر بتبليغ الرسول إليه فلو قدر عصيانه لكان حاله في ذلك حال ابن نوح الذي أبى أن يركب السفينة لما دعاه أبوه فاعتبر كافرا .
A E وقرأ الجمهور ( ماذا ترى ) بفتح التاء والراء . وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم التاء وكسر الراء أي مادا تريني من امتثال أو عدمه .
وحكي جوابه فقال ( يا أبت افعل ما تؤمر ) دون عطف جريا على حكاية المقاولات كما تقدم عند قوله تعالى ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ) في سورة البقرة .
وابتداء الجواب بالنداء واستحضار المنادى بوصف الأبوة وإضافة الأب إلى ياء المتكلم المعوض عنها التاء المشعر تعويضها بصيغة ترقيق وتحنن .
والتعبير عن الذبح بالموصول وهو ( ما تؤمر ) دون أن يقول : اذبحني يفيد وحده إيماء إلى السبب الذي جعل جوابه امتثال لذبحه .
وحذف المتعلق بفعل ( تؤمر ) لظهور تقديره : أي ما تؤمر به . وبقي الفعل كأنه من الأفعال المتعدية وهذا الحذف يسمى بالحذف والإيصال كقول عمرو بن معد يكرب : .
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب وصيغة الأمر في قوله ( افعل ) مستعملة في الإذن .
وعدل عن أن يقال : اذبحني إلى ( افعل ما تؤمر ) للجمع بين الإذن وتعليله أي أذنت لك أن تذبحني لأن الله أمرك بذلك ففيه تصديق أبيه وامتثال أمر الله فيه .
وجملة ( ستجدني ) هي الجواب لأن الجمل التي قبلها تمهيد للجواب كما علمت فإنه بعد أن حثه على فعل ما أمر به وعده بالامتثال له وبأنه لا يجزع ولا يهلع بل يكون صابرا وفي ذلك تخفيف من عبء ما عسى أن يعرض لأبيه من الحزن لكونه يعامل ولده بما يكره . وهذا وعد قد وفى به حين أمكن أباه من رقبته وهو الوعد الذي شكره الله عليه في الآية الأخرى في قوله ( واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ) وقد قرن وعده ب ( إن شاء الله ) استعانة على تحقيقه .
وفي قوله ( من الصابرين ) من المبالغة في اتصافه بالصبر ما ليس في الوصف : بصابر لأنه يفيد أنه سيجده في عداد الذين اشتهروا بالصبر وعرفوا به ألا ترى أن موسى عليه السلام لما وعد الخضر قال ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) لأنه حمل على التصبر إجابة لمقترح الخضر .
( فلما أسلما وتله للجبين [ 103 ] وناديناه أن يا إبراهيم [ 104 ] قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين [ 105 ] إن هذا لهو البلاء المبين [ 106 ] وفديناه بذبح عظيم [ 107 ] ) ( أسلما ) استسلما . يقال : سلم واستسلم وأسلم بمعنى : انقاد وخضع وحذف المتعلق لظهوره من السياق أي أسلما لأمر الله فاستسلام إبراهيم بالتهيؤ لذبح ابنه واستسلام الغلام بطاعة أبيه فيما بلغه عن ربه .
و ( تله ) : صرعه على الأرض وهو فعل مشتق من اسم التل وهو الصبرة من التراب كالكدية وأما قوله في حديث الشرب ( فتله في يده ) أي القدح فلذلك على تشبيه شدة التمكين كأنه ألقاه في يده .
واللام في ( للجبين ) بمعنى ( على ) كقوله ( يخرون للأذقان سجدا ) وقوله تعالى ( دعانا لجنبه ) ومعناها أن مدخولها هو أسفل جزء من صاحبه .
والجبين : أحد جانبي الجهة وللجبهة جبينان وليس الجبين هو الجبهة ولهذا خطأوا المتنبي في قوله : .
وخل زيا لمن يحققه ... ما كل دام جبينه عابد