وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والسقيم : صفة مشبهة وهو المريض كما تقدم في قوله ( بقلب سليم ) . يقال : سقم بوزن مرض ومصدره السقم بالتحريك فيقال : سقام وسقم بوزن قفل .
والتولي : الإعراض والمفارقة .
لم ينطق إبراهيم بإن النجوم دلته على أنه سقيم ولكنه لما جعل قوله ( إني سقيم ) مقارنا لنظره في النجوم أوهم قومه أنه عرف ذلك من دلالة النجوم حسب أوهامهم .
A E و ( مدبرين ) حال أي ولوه أدبارهم أي ظهورهم . والمعنى : ذهبوا وخلفوه وراء ظهورهم بحيث لا ينظرونه . وقد قيل : إن ( مدبرين ) حال مؤكدة وهو من التوكيد الملازم لفعل التولي غالبا لدفع توهم أنه تولي مخالفة وكراهة دون انتقال . وما وقع في التفاسير في معنى نظره في النجوم وفي تعيين سقمه المزعوم كلام لا يمتع بين موازين المفهوم وليس في الآية ما يدل على أن للنجوم دلالة على حدوث شيء من حوادث الأمم ولا الأشخاص ومن يزعم ذلك فقد ضل دينا واختل نظرا وتخمينا . وقد دونوا كذبا كثيرا في ذلك وسموه علم أحكام الفلك أو النجوم .
وقد ظهر من نظم الآية أن قوله ( إني سقيم ) لم يكن مرضا ولذلك جاء الحديث الصحيح عن أبي هريرة عن النبي A " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات اثنتين منهن في ذات الله عز وجل قوله ( إني سقيم ) وقوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) وبينا هو ذات يوم وسارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فسأله عن سارة فقال : هي أختي " الحديث فورد عليه إشكال من نسبة الكذب إلى نبي .
ودفع الإشكال : أن تسمية هذا الكلام كذبا منظور فيه إلى ما يفهمه أو يعطيه ظاهر الكلام وما هو بالكذب الصراح بل هو من المعاريض أي أني مثل السقيم في التخلف عن الخروج أو في التألم من كفرهم وأن قوله ( هي أختي ) أراد أخوة الإيمان وأنه أراد التهكم في قوله ( بل فعله كبيرهم هذا ) لظهور قرينة أن مراده التغليط .
وهذه الأجوبة لا تدفع إشكالا يتوجه على تسمية النبي A هذا الكلام بأنه كذبات . وجوابه عندي : أنه لم يكن في لغة قوم إبراهيم التشبيه البليغ ولا المجاز ولا التهكم فكان ذلك عند قومه كذبا وان الله أذن له فعل ذلك وأعلمه بتأويله كما أذن لأيوب أن يأخذ ضغثا من عصي فيضرب به ضربة واحدة ليبر قسمه إذ لم تكن الكفارة مشروعة في دين أيوب عليه السلام .
وفعل ( راغ ) معناه : حاد عن الشيء ومصدره الروغ والروغان وقد أطلق هنا على الذهاب إلى أصنامهم مخاتلة لهم ولأجل الإشارة إلى تضمينه معنى الذهاب عدي ب ( إلى ) .
وإطلاق الآلهة على الأصنام مراعى فيه اعتقاد عبدتها بقرينة إضافتها إلى ضميرهم أي إلى الآلهة المزعومة لهم .
ومخاطبة إبراهيم تلك الأصنام بقوله ( ألا تاكلون ما لكم لا تنطقون ) وهو في حال خلوة بها وعلى غير مسمع من عبدتها قصد به أن يثير في نفسه غضبا عليها إذ زعموا لها الإلهية ليزداد قوة عزم على كسرها .
فليس خطاب إبراهيم للأصنام مستعملا في حقيقته ولكنه مستعمل في لازمه وهو تذكر كذب الذين ألهوها والذين سدنوا لها وزعموا أنها تأكل الطعام الذي يضعونه بين يديها ويزعمون أنها تكلمهم وتخبرهم .
ولذلك عقب هذا الخطاب بقوله ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) . وقد استعمل فعل ( راغ ) هنا مضمنا معنى ( أقبل ) من جهة مائلة عن الأصنام لأنه كان مستقبلها ثم أخذ يضربها ذات اليمين وذات الشمال نظير قوله تعالى ( فيميلون عليكم ) .
وانتصب ( ضربا باليمين ) على الحال من ضمير ( فراغ ) أي ضاربا . وتقييد الضرب باليمين لتأكيد ( ضربا ) أي ضربا قويا ونظيره قوله تعالى ( لأخذنا منه باليمين ) وقول الشماخ : .
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين فلما علموا بما فعل إبراهيم بأصنامهم أرسلوا إليه من يحضره في ملئهم حول أصنامهم كما هو مفصل في سورة الأنبياء وأجمل هنا .
فالتعقيب في قوله ( فأقبلوا إليه ) تعقيب نسبي وجاءه المرسلون إليه مسرعين ( يزفون ) أي يعدون والزف : الإسراع في الجري ومنه زفيف النعامة وزفها وهو عدوها الأول حين تنطلق