وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكذلك جمع محامد إبراهيم في كلمة كونه من شيعة نوح المقتضي مشاركته له في صفاته كما سيأتي وهذا كقوله تعالى ( ذرية من حملنا مع نوح ) .
والشيعة : اسم لمن يناصر الرجل وأتباعه ويتعصب له فيقع لفظ شيعة على الواحد والجمع .
وقد يجمع على شيع وأشياع إذا أريد : جماعات كل جماعة هي شيعة لأحد .
وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين في سورة الحجر وعند قوله تعالى ( وجعل أهلها شيعا ) في سورة القصص .
وكان إبراهيم من ذرية نوح وكان دينه موافقا لدين نوح في أصله وهو نبذ الشرك .
وجعل إبراهيم من شيعة نوح لأن نوحا قد جاءت رسل على دينه قبل إبراهيم منهم هود وصالح فقد كانا قبل إبراهيم لأن القرآن ذكرهما غير مرة عقب ذكر نوح وقبل ذكر لوط معاصر إبراهيم . ولقول هود لقومه ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ) ولقول صالح لقومه ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ) وقول شعيب لقومه ( ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ) . فجعل قوم لوط أقرب زمنا لقومه دون قوم هود وقوم صالح . وكان لوط معاصر إبراهيم فهؤلاء كلهم شيعة لنوح وإبراهيم من تلك الشيعة وهذه نعمة حادية عشرة .
وتوكيد الخبر ( بإن ) ولام الابتداء للرد على المشركين لأنهم يزعمون أنهم على ملة إبراهيم وهذا كقوله تعالى ( وما كان من المشركين ) .
و ( إذ ) ظرف للماضي وهو متعلق بالكون المقدر للجار والمجرور الواقعين خبرا عن ( إن ) في قوله ( وإن من شيعته لإبراهيم ) أو متعلق بلفظ شيعة لما فيه من معنى المشايعة والمتابعة أي كان من شيعته حين جاء ربه بقلب سليم كما جاء نوح فلذلك وقت كونه من شيعته أي لأن نوحا جاء ربه بقلب سليم . وفي ( إذ ) معنى التعليل لكونه من شيعته فإن معنى التعليل كثير العروض ل ( إذ ) كقوله تعالى ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشركون ) . وهذه نعمة على نوح وهي ثانية عشرة .
والباء في ( بقلب سليم ) للمصاحبة أي جاء معه قلب صفته السلامة فيؤول إلى معنى : إذ جاء ربه بسلامة قلب وإنما ذكر القلب ابتداء ثم وصف ب ( سليم ) لما في ذكر القلب من إحضار حقيقة ذلك القلب النزيه ولذلك أوثر تنكير ( قلب ) دون تعريف .
و ( سليم ) : صفة مشبهة مشتقة من السلامة وهي الخلاص من العلل والأدواء لأنه لما ذكر القلب أن السلامة سلامته مما تصاب به القلوب من أدوائها فلا جائز أن تعني الأدواء الجسدية لأنهم ما كانوا يريدون بالقلب إلا مقر الإدراك والأخلاق . فتعين أن المراد : صاحب القلب مع نفسه بمثل طاعة الهوى والعجب والغرور ومع الناس بمثل الكبر والحقد والحسد والرياء والاستخفاف .
وأطلق المجيء على معاملته به نفسه بما يرضي ربه على وجه التمثيل بحال من يجيء أحدا ملقيا إليه ما طلبه من سلاح أو تحف أو ألطاف فإن الله أمره بتزكية نفسه فامتثل فأشبه حال من دعاه فجاءه . وهذا نظير قوله تعالى ( أجيبوا داعي الله ) .
وقد جمع قوله ( بقلب سليم ) جوامع كمال النفس وهي مصدر محامد الأعمال . وفي الحديث " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " .
وقد حكي عن إبراهيم قوله ( يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) فكان عماد ملة إبراهيم هو المتفرع عن قوله ( بقلب سليم ) وذلك جماع مكارم الأخلاق ولذلك وصف إبراهيم بقوله تعالى ( إن إبراهيم لحليم أواه منيب ) فكان منزها عن كل خلق ذميم واعتقاد باطل .
ثم إن مكارم الأخلاق قابلة للازدياد فكان حظ إبراهيم منها حظا كاملا لعله أكمل من حظ نوح بناء على أن إبراهيم أفضل الرسل بعد محمد A وادخر الله منتهى كمالها لرسوله محمد A فلذلك قال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ولذلك أيضا وصفت ملة إبراهيم بالحنيفية ووصف الإسلام بزيادة ذلك في قوله النبي A " بعثت بالحنيفية السمحة " .
A E