وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذهب الكسائي والفراء والمبرد والزمخشري إلى أن قوله ( سلام على نوح في العلمين ) في محل مفعول ( تركنا ) أي تركنا عليه هذه الكلمة وهي ( سلام على نوح في العلمين ) وهو من الكلام الذي قصدت حكايته كما تقول قرأت ( سورة أنزلناها وفرضناها ) أي جعلنا الناس يسلمون عليه في جميع الأجيال فما ذكروه إلا قالوا : عليه السلام . ومثل ذلك قالوا في نظائرها في هذه الآيات المتعاقبة .
وزيد في سلام نوح في هذه السورة وصفه بأنه في العالمين دون السلام على غيره في قصة إبراهيم وموسى وهارون وإلياس للإشارة إلى أن التنويه بنوح كان سائرا في جميع الأمم لأنهم كلهم ينتمون إليه ويذكرونه ذكر صدق كما قدمناه آنفا .
وجملة ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) تذييل لما سبق من كرامة الله نوحا . و ( إن ) تفيد تعليلا لمجازاة الله نوحا بما عده من النعم بان ذلك لأنه كان محسنا أي متخلقا بالإحسان وهو الإيمان الخالص المفسر في قوله النبي A " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وأي دليل على إحسانه أجلى من مصابرته في الدعوة إلى التوحيد والتقوى وما ناله من الأذى من قومه طول مدة دعوته .
والمعنى : إنا مثل ذلك الجزاء نجزي المحسنين . وفي هذا تنويه بنوح عليه السلام بأن جزاءه كان هو المثال والإمام لجزاء المحسنين على مراتب إحسانهم وتفاوت تقاربها من إحسان نوح عليه السلام وقوته في تبليغ الدعوة . فهو أول من أوذي في الله فسن الجزاء لمن أوذي في الله وكان على قالب جزائه فلعله أن يكون له كفل من كل جزاء يجزاه أحد على صبره إذا أوذي في الله فثبت لنوح بهذا وصف الإحسان وهو النعمة السابعة . وثبت له أنه مثل للمحسنين في جزائهم وهي النعمة الثامنة .
وجملة ( إنه من عبادنا المؤمنين ) تعليل لاستحقاقه المجازة الموصوفة بقوله ( كذلك نجزي المحسنين ) فاختلف معلول هذه العلة ومعلول العلة التي قبلها .
وأفاد وصفه ب ( إنه من عبادنا ) أنه ممن استحق هذا الوصف وقد علمت غير مرة أن وصف ( عبد ) إذا أضيف إلى ضمير الجلالة أشعر بالتقريب ورفع الدرجة اقتصر على وصف العباد بالمؤمنين تنويها بشأن الإيمان ليزداد الذين آمنوا إيمانا ويقلع المشركون عن الشرك . وهذه نعمة تاسعة .
وأقحم معها من عبادنا لتشريفه بتلك الإضافة على نحو ما تقدم آنفا في قوله تعالى ( إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم ) وهذه نعمة عاشرة وفي ذلك تنبيه على عظيم قدر الإيمان .
وفي هذه القصة عبرة للمشركين بما حل بقوم نوح وتسلية للنبي A وجعل نوح قدوة له وإيماء إلى أن الله ينصره كما نصر نوحا على قومه وينجيه من أذاهم وتنويه بشأن المؤمنين .
و ( ثم ) التي في قوله ( ثم أغرقنا الآخرين ) للترتيب والتراخي الرتبيين لأن بعض ما ذكر قبلها في الكلام هو مما حصل بعد مضمون جملتها في نفس الأمر كما هو بين ومعنى التراخي الرتبي هنا أن إغراق الذين كذبوه مع نجاته ونجاة أهله أعظم رتبة في الانتصار له والدلالة على وجاهته عند الله تعالى وعلى عظيم قدرة الله تعالى ولطفه .
ومعنى ( الآخرين ) من عداه وعدا أهله أي بقية قومه وفي التعبير عنهم بالآخرين ضرب من الاحتقار . ومما في الحديث أنه جاءه رجل فقال : " إن الآخر قد زنى " يعني نفسه على رواية الآخر بمد الهمزة وهي إحدى روايتين في الحديث .
وتقدم ذكر نوح وقصته عند قوله تعالى ( إن الله اصطفى آدم ونوحا ) في آل عمران وفي الأعراف وفي سورة هود وذكر سفينته في أول سورة العنكبوت .
( وإن من شيعته لإبراهيم [ 83 ] إذ جاء ربه بقلب سليم [ 84 ] إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون [ 85 ] أئفكا آلهة دون الله تريدون [ 86 ] فما ظنكم برب العالمين [ 87 ] ) A E تخلص إلى حكاية موقف إبراهيم عليه السلام من قومه في دعوتهم إلى التوحيد وما لاقاه منهم وكيف أيده الله ونجاه منهم وقع هذا التخلص إليه بوصفه من شيعة نوح ليفيد بهذا الأسلوب الواحد تأكيد الثناء على نوح وابتداء الثناء على إبراهيم وتخليد منقبة لنوح إن كان إبراهيم الرسول العظيم من شيعته وناهيك به