وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين [ 71 ] ولقد أرسلنا فيهم منذرين [ 72 ] فانظر كيف كان عاقبة المنذرين [ 73 ] إلا عباد الله المخلصين [ 74 ] ) عقب وصف حال المشركين في الآخرة وما علل به من أنهم ألفوا آبائهم ضالين فاتبعوا آبائهم بتنظيرهم بمن سلفوا من الضالين وتذكير للرسول ( ص ) بذلك مسلاة له على ما يلاقيه من تكذيبهم واستقصاء لهم في العبرة والموعظة بما حل بالأمم قبلهم فهده الجملة معطوفة على مضمونة الجملة التي قبلها إكمالا للتعليل أي اتبعوا آثار آبائهم واقتدوا بالأمم أشياعهم .
ووصف الذين ضلوا قبلهم بأنهم ( أكثر الأولين ) لئلا يغتر ضعفاء العقول بكثرة المشركين ولا يعتزوا بها ليعلموا أن كثرة العدد لا تبرر ضلال الضالين ولا خطأ المخطئين وأن الهدى والضلال ليسا من آثار العدد كثرة وقلة ولكنهما حقيقتان ثابتتان مستقلتان فإذا عرضت لإحداهما كثرة أو قلة فلا تكونان فتنة لقصار الأنظار وضعفاء التفكير . قال تعالى ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) .
وأكملت العلة والتسلية والعبرة بقوله ( ولقد أرسلنا فيهم منذرين ) أي رسلا ينذرونهم أي يحذرنهم ما سيحل بهم مثل ما أرسلناك إلى هؤلاء . وخص المرسلين بوصف المنذرين لمناسبة حال المتحدث عنهم وأمثالهم . وضمير ( فيهم ) راجع إلى ( الأولين ) أي أرسلنا في الأول منذرين فاهتدى قليل وضل أكثرهم .
وفرع على هذا التوجيه الخطاب إلى الرسول ( ص ) ترشيحا لما في الكلام السابق من جانب التسلية والتثبيت مع التعريض بالكلام لتهديد المشركين بذلك ويجوز أن يكون الخطاب لكل من يسمع القرآن فشمل التنبي ( ص ) .
والأمر بالنظر مستعمل في التعجيب والتهويل فإن أريد بالعاقبة عاقبتهم في الدنيا فالنظر بصري وإن أريد عاقبتهم في الآخرة كما يقتضيه السياق فالنظر قلبي ولا مانع من إرادة الأمرين واستعمال المشترك في المعنيين .
والتعريف في قوله ( المنذرين ) تعريف العهد وهم المنذرون الذين أرسل إليهم المنذرون أي فهم الضالون المعبر عنهم بأنهم ( أكثر الأولين ) فالمعنى : فانظر كيف كان عاقبة الضالين الذين أنذرناهم فلم ينذروا كما فعل هؤلاء الذين ألفوا آبائهم ضالين فاتبعوهم فقد تحقق اشتراك هؤلاء وأولئك في الضلال فلا جرم أن تكون عاقبة هؤلاء كعاقبة أولئك .
وفعل النظر معلق عن معموله بالاستفهام والاستفهام تعجيبي للتفظيع .
واستثني ( عباد الله المخلصين ) من ( الأولين ) استثناء متصلا فإن عباد الله المخلصين كانوا من جملة المنذرين فصدقوا المنذرين ولم يشاركوا المنذرين في عاقبتهم المنظور فيها وهي عاقبة السوء . وتقدم اختلاف القراء في فتح اللام وكسرها من قوله ( المخلصين ) عند قوله تعالى ( وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين ) .
A E ( ولقد نادينا نوح فلنعم المجيبون [ 75 ] ونجيناه وأهله من الكرب العظيم [ 76 ] وجعلنا ذريته هم الباقين [ 77 ] وتركنا عليه في الآخرين [ 78 ] سلام على نوح في العالمين [ 79 ] إنا كذلك نجزي المحسنين [ 80 ] إنه من عبادنا المؤمنين [ 81 ] ثم أغرقنا الأخرين [ 82 ] ) اتبع التذكير والتسلية من جانب النظر في آثار ما حل بالأمم المرسل إليهم وما أخبر عنه من عاقبتهم في الآخرة بتذكير وتسلية من جانب الإخبار عن الرسل الذين كذبهم قومهم وآذوهم وكيف انتصر الله لهم ليزيد رسوله ( ص ) تثبيتا ويلقم المشركين تبكيتا .
وذكر في هذه السورة قصص الرسل مع أقوامهم لأن في كل قصة منها خاصية لها شبه بحال الرسول ( ص ) مع قومه وبحاله الأكمل في دعوته ففي القصص كلها عبرة وأسوة وتحذير كما سيأتي تفصيله عند كل قصة منها ويجمعها كلها مقاومة الشرك ومقاومة أهلها