وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفسرت الفتنة أيضا بأن خبر شجرة الزقوم كان فتنة للمشركين إذ أغراهم بالتكذيب والتهكم فيكون معنى ( جعلناها ) جعلنا ذكرها وخبرها أي لما نزلت آية سورة الواقعة أي جعلنا ذكرها مثيرا لفتنتهم بالتكذيب والتهكم دون تفهم وذلك مثل قوله ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ) فإنه لما نزل قوله تعالى في وصف جهنم ( عليها تسعة عشر ) قال أبو جهل لقريش : ثكلتكم أمهاتكم إن ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم " أي من خزنة النار " فقال أبو الاشد الجمجمي : أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين فأنزل الله تعالى ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة " أي فليس الواحد منهم كواحد من الناس " وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ) .
واستأنف لوصفا استئنافا ثانيا مكروا فيه كلمة ( إنها ) للتهويل . ومعنى ( تخرج ) تنبت كما قال تعالى ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ) . ومن عجيب قدرة الله تعالى أن جعل من النار شجرة وهي نارية لا محالة . صور الله في النار شجرة من النار وتقريب ذلك ما يصور في الشماريخ النارية من صور ذات ألوان كالنخيل ونحوه .
وجعل لها طلعا أي ثمرا وأطلق عليه اسم الطلع على وجه الاستعارة تشبيها له بطلع النخلة لأن اسم الطلع خاص بالنخيل . قال ابن عطية : عن السدي ومجاهد قال الكفار : كيف يخبر محمد عن النار أنها تنبت الأشجار وهي تأكلها وتذهبها فقولهم هذا ونحوه من الفتنة لأنه يزيدهم كفرا وتكذيبا .
و ( رؤوس الشياطين ) يجوز أن يكون مرادا بها رؤوس شياطين الجن جمع شيطان بالمعنى المشهور ورؤوس هذه الشياطين غير معروفة لهم فالتشبيه بها حوالة على ما تصور لهم المخيلة وطلع شجرة الزقوم غير معروف فوصف للناس فظيعا بشعا وشبهت بشاعته ببشاعة رؤوس الشياطين وهذا التشبيه من تشبيه المعقول بالمعقول كتشبيه الإيمان بالحياة في قوله تعالى ( لتنذر من كان حيا ) والمقصود منه هنا تقريب حال المشبه فلا يمتنع كون المشبه به غير معروف ولا كون المشبه كذلك .
ونظيره قول امرئ القيس : .
" ومسنونة زرق كأنياب أغوال وقيل : أريد برؤوس الشياطين ثمر الأستن والأستن " بفتح الهمزةة وسكون السين وفتح التاء " شجرة في بادية اليمن يشبه شخوص الناس ويسمى ثمرة رؤوس الشياطين وإنما سموه كذلك لبشاعة مرآه ثم صار معروفا فشبه به في الآية . وقيل " الشياطين " : جمع شيطان وهو من الحيات ما لرؤوس أعراف قال الراجز يشبه امرأته بحية منها : .
عنجرد تحلف حين أحلف ... كمثل شيطان الحماط أعرف الحماط : جمع حماطة بفتح الحاء : شجر تكثر فيه الحيات والعنجرد بكسر الراء : المرأة السليطة .
A E وهذه الصفات التي وصفت بها شجرة الزقوم بالغة حدا عظيما من الذم وذلك الذم هو الذي عبر عنه بالملعونة في قوله تعالى ( والشجرة الملعونة في القرآن ) في سورة الإسراء وكذلك في آية ( إن شجرة الزقوم طعام تالأثيم كالمهل تغلي في البطون كغلي الحميم ) في سورة الدخان .
وقد أنذروا بأنهم آكلون منها إنذارا مؤكدا أي آكلون من ثمرها وهو ذلك الطلع . وضمير " منها " للشجرة جرى على الشائع من قول الناس أكلت من النخلة أي من ثمرها .
والمعنى : أنهم آكلون منها كرها وذلك من العذاب وإذا كان المأكول كريها يزيده كراهة سوء منظره كما أن المشتهى إذا كان حسن المنظر كان الإقبال عليه بشره لظهور الفرق بين تناول تفاحة صفراء وتناول تفاحة موردة اللون وكذلك محسنات الشراب ألا ترى إلى كعب بن زهير كيف أطال في محسنات الماء الذي مزجت به الخمر في قوله : .
شجت بذي شبم من ماء مجنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول .
تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه ... من صوب سارية بيض يعاليل وملء البطون كناية عن كثرة ما يكلون منها على كراهتها .
وإسناد الأكل وملء البطون إليهم إسناد حقيقي وإن كانوا مكرهين على ذلك الأكل والملء