وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد تقدم الكلام على زينة السماء بالكواكب وكونها حفظا من الشياطين عند قوله تعالى ( ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم ) في سورة الحجر . وتقدم ذكر الكواكب في قوله ( رأى كوكبا ) في سورة الأنعام .
وانتصب ( حفظا ) بالعطف على ( بزينة الكواكب ) عطفا على المعنى كما ذهب إليه في الكشاف وبينه ما بيناه آنفا من أن قوله ( بزينة الكواكب ) في قوة أن يقال : بالكواكب زينة وعامله ( زينا ) .
والحفظ من الشياطين حكمة من حكم خلق الكواكب في علم الله تعالى لأن الكواكب خلقت قبل استحقاق الشياطين الرجم فإن ذلك لم يحصل إلا بعد أن أطرد إبليس من عالم الملائكة فلم يحصل شرط اتحاد المفعول لأجله مع عامله في الوقت وأبو علي الفارسي لا يرى اشتراط ذلك . ولعل الزمخشري يتابعه على ذلك حيث جعله مفعولا لأجله وهو الحق لأنه قد يكون على اعتباره علة مقدرة كما جوز في الحال أن تكون مقدرة .
ولك أن تجعل ( حفظا ) منصوبا على المفعول المطلق الآتي بدلا من فعله فيكون في تقدير : وحفظنا عطفا على ( زينا ) أي حفظنا بالكواكب من كل شيطان مارد . وهذا قول المبرد . والمحفوظ هو السماء أي وحفظناها بالكواكب من كل شيطان .
وليس الذي به الحفظ هو جميع الذي به التزيين بل العلة موزعة فالذي هو زينة مشاهد الأبصار والذي هو حفظ هو المبين بقوله ( فأتبعه شهاب ثاقب ) .
A E ومعنى كون الكواكب حفظا من الشياطين أن من جملة الكواكب الشهب التي ترجم بها الشياطين عند محاولتها استراق السمع فتفر الشياطين خشية أن تصيبها لأنها إذا أصابت أشكالها اخترقتها فتفككت فعلها تزول أشكالها بذلك التفكك فتنعدم بذلك قوام ماهيتها أو تتفرق لحظة لم تلتئم من ذلك الخرق والالتئام فإن تلك الشهب التي تلوح للناظر قطعا لامعة مثل النجوم جارية في السماء إنما هي أجسام معدنية تدور حول الشمس وعندما تقرب إلى الأرض تتغلب عليها جاذبية الأرض فتنزعها من جاذبية الشمس فتنقض بسرعة نحو مركز الأرض ولشدة سرعة انقضاضها تولد في الجو الكروي حرارة كافية لإحراق الصغار منها وتحمى الكبار منها إلى درجة من الحرارة توجب لمعانها وتسقط حتى تقع على الأرض في البحر غالبا وربما وقعت على البر وقد يعثر عليها بعض الناس إذ يجدونها واقعة على الأرض قطعا معدنية متفاوتة وربما أحرقت ما تصيبه من شجر أو منازل . وقد أرخ نزول بعضها سنة 616 قبل ميلاد المسيح ببلاد الصين فكسر عدة مركبات وقتل رجالا وقد ذكرها العرب في شعرهم قبل الإسلام قال دوس بن حجر يصف ثورا وحشيا : .
فانقض كالدري يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا وقال بشر بن خازم أنشده الجاحظ في الحيوان : والعير يرهقها الخبار وجحشها ينقض خلفهما انقاضا الكواكب وفي سنة 944 سجل مرور كريات نارية في الجو أحرقت بيوتا عدة . وسقطت بالقطر التونسي مرتين أو ثلاث مرات منها قطعة سقطت في أوائل هذا القرن وسط المملكة أحسب أنها بجهات تالة ورأيت شظية منها تسبه الحديد والعامة يحسبونها صاعقة ويسمون ذلك حجر الصاعقة . وتساقطها يقع في الليل والنهار ولكنا لا نشاهد مرورها في النهار لأن شعاع الشمس يحجبها عن الأنظار .
ومما علمت من تدحرج هذه الشهب من فلك الشمس إلى فلك الأرض تبين لك سبب كونها من السماء الدنيا وسبب اتصالها بالأجرام الشيطانية الصاعدة من الأرض تتطلب الاتصال بالسماوات .
وقد سميت شهبا على التشبيه بقبس النار وهو الجمر وقد تقدم في قوله تعالى ( أو آتيكم بشهاب قبس ) في سورة النمل .
والمارد : الخارج عن الطاعة الذي لا يلبس الطاعة ساعة قال تعالى ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ) . وفي وصفه بالمارد إشارة إلى أن ما يصيب إخوانه من الضر بالشهب لا يعظه عن تجديد محاولة الاستراق لما جبل عليه طبعه الشيطاني من المداومة على تلك السجايا الخبيثة كما لا ينزجر الفراش عن التهافت حول المصباح بما يصيب أطراف أجنحته من مس النار .
( لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب [ 8 ] دحورا ولهم عذاب واصب [ 9 ] إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب [ 10 ] )