وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذا من جانب نظم الشعر وموازينه وكذلك أيضا جانب قوام الشعر ومعانيه فإن للشعر طرائق من الأغراض كالغزل والنسيب والهجاء والمديح والملح وطرائق من المعاني كالمبالغة البالغة حد الإغراق وكادعاء الشاعر أحوالا لنفسه في غرام أو سير أو شجاعة هو خلو من حقائقها فهو كذب مغتفر في صناعة الشعر . وذلك لا يليق بأرفع مقام لكمالات النفس وهو مقام أعظم الرسل صلوات الله عليه وعليهم فلو أن النبي ( ص ) قرض الشعر ولم يأت في شعره بأفانين الشعراء لعد غضاضة في شعره وكانت تلك الغضاضة داعية للتناول من حرمة كماله في أنفس قومه يستوي فيها العدو والصديق .
على أن الشعراء في ذلك الزمان كانت أحوالهم غير مرضية عند أهل المروءة والشرف لما فيهم من الخلاعة والإقبال على السكر والميسر والنساء ونحو ذلك . وحسبك ما هو معلوم من قضية خلع حجر الكندي ابنه امرأ القيس وقد قال تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) الآية . فلو جاء الرسول A بالشعر أو قاله لرمقه الناس بالعين التي لا يرمق بها قدره الجليل وشرفه النبيل والمنظور إليه في هذا الشأن هو الغالب الشائع وإلا فقد قال النبي A " إن من الشعر لحكمة " وقال " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : .
" ألا كل شيء ماخلا الله باطل " . فتنزيه النبي A عن قول الشعر من قبيل حياطة معجزة القرآن وحياطه مقام الرسالة مثل تنزيهه عن معرفة الكتابة .
قال أبو بكر بن العربي : هذه الآية ليست من عيب الشعر كما لم يكن قوله تعالى ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ) من عيب الخط . فلما لم تكن الأمية من عيب الخط كذلك لا يكون نفي النظم عن النبي A من عيب الشعر .
ومن أجل ما للشعر من الفائدة والتأثير في شيوع دعوة الإسلام أن أمر النبي A حسانا وعبد الله بن رواحة بقوله وأظهر استحسانه لكعب بن زهير حين أنشده القصيد المشهور : بانت سعاد .
والقول في ما صدر النبي A من كلام موزون مثل قوله يوم أحد : .
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب كالقول فيما وقع في القرآن من شبيه ذلك مما بيناه آنفا .
وجملة ( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) استئناف بياني لأن نفي الشعر عن القرآن يثير سؤال متطلب يقول : فما هو هذا الذي أوحي به إلى محمد A فكان قوله ( إن هو إلا ذكر ) جوابا لطلبته .
وضمير ( هو ) للقرآن المفهوم من ( علمناه ) أي ليس الذي علمه الرسول إلا ذكرا وقرآنا أو للشيء الذي علمناه أي للشيء المعلم الذي تضمنه ( علمناه ) أو عائد إلى ( ذكر ) في قوله ( إلا ذكر ) الذي هو ( مبين ) . وهذا من مواضع عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة لأن البيان كالبدل . وتقدم نظيره في قوله تعالى ( إن هي إلا حياتنا الدنيا ) في سورة المؤمنين .
A E وجيء بصيغة القصر المفيدة قصر الوحي على الاتصال بالكون ذكرا وقرآنا قصر قلب أي ليس شعرا كما زعمتم . فحصل بذلك استقصاء الرد عليهم وتأكيد قوله ( وما علمناه الشعر ) . وتقرير للمعنى المقدر المكنى عنه بقوله ( وما علمناه الشعر ) من كون القرآن شعرا .
والذكر : مصدر وصف به الكتاب المنزل على محمد A وصفا للمبالغة أي إن هو إلا مذكر للناس بما نسوه أو جهلوه . وقد تقدم الكلام على الذكر عند قوله تعالى ( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ) في سورة الحجر .
والقرآن : مصدر قرأ أطلق على اسم المفعول أي الكلام المقروء وتقدم بيانه عند قوله تعالى ( وما تتلو منه من قرآن ) في سورة يونس .
والمبين : هو الذي أبان المراد بفصاحة وبلاغة .
ويتعلق قوله ( لتنذر ) بقوله ( علمناه ) باعتبار ما اتصل به من نفي كونه شعرا ثم إثبات كونه ذكرا وقرآنا أي لأن جملة ( إن هو إلا ذكر ) بيان لما قبلها في قوة أن لو قيل : وما علمناه إلا ذكرا وقرآنا مبينا لينذر أو لتنذر . وجعله ابن عطية متعلقا ب ( مبين ) .
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب ( لتنذر ) بتاء الخطاب على الالتفات من ضمير الغيبة في قوله ( علمناه ) إلى ضمير الخطاب . وقرأه الباقون بياء الغائب أي النبي الذي علمناه .
والإنذار : الإعلام بأمر يجب التوقي منه