وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فيقال لهم من قبل النظر فيها أوردوه : هل حرفوا بزيادة أو نقصان حركة أو حرفا أم لا . وقبل أن ننظر هل راعوا أحكام علم العروض في الأعاريض والضروب التي سبق ذكرها أم لا . ومن قبل أن ننظر هل عملوا بالمنصور من المذهبين في معنى الشعر على نحو ما سبق أم لا " يعني المذهبين مذهب الذين قالوا لا يكون الشعر شعرا إلا إذا قصد قائله أن يكون موزونا ومذهب الذين قالوا : إن تعمد الوزن ليس بواجب بل يكفي أن يلفى موزونا ولو بدون قصد قائله للوزن وقد نصر المذهب الأول " يا سبحان الله قدروا جميع ذلك أشعارا أليس يصح بحكم التغليب أن لا يلتفت إلى ما أوردتموه لقلته ويجرى ذلك القرآن مجرى الخالي عن الشعر فيقال بناء على مقتضى البلاغة : وما علمناه الشعر اه . كلامه وقد نحا به نحو أمرين : أحدهما : أن ما وقع في القرآن من الكلام المتزن ليس بمقصود منه الوزن فلا يكون شعرا على رأي الأكثر من اشتراط القصد إلى الوزن لأنه الله تعالى لم يعبأ باتزانه .
الثاني : إن سلمنا عدم اشتراط القصد فإن نفي كون القرآن شعرا جرى على الغالب . فلا يعد قائله كاذبا ولا جاهلا فلا ينافي اليقين بأن القرآن من عند الله علمه محمدا A .
ومال ابن العربي في أحكام القرآن إلى أن ما تكلفوه من استخراج فقرات من القرآن على موازين شعرية لا يستقيم إلا بأحد أمور مثل بتر الكلام أو زيادة ساكن أو نقص حرف أو حرفين وذكر أمثلة لذلك في بعضها ما لا يتم له فراجعه .
ولا محيص من الاعتراف باشتمال القرآن على فقرات متزنة يلتئم منها بيت أو مصراع فأما ما يقل عن بيت فهو كالعدم إذ لا يكون الشعر أقل من بيت ولا فائدة في الاستنكار من جلب ما يلفى متزنا فإن وقوع ما يساوي بيتا تاما من بحر من بحور الشعر العربي ولو نادرا أو مزحفا أو معلا كاف في بقاء الإشكال فلا حاجة إلى ما سلك ابن العربي في رده ولا كفاية لما سلكه السكاكي في كتابه لأن المردود عليهم في سعة من الأخذ بما يلئم نحلتهم من أضعف المذاهب في حقيقة الشعر وفي زحافه وعلله . وبعد ذلك فإن الباقلاني والسكاكي لم يغوصا على اقتلاع ما يثيره الجواب الثاني في كلامهما بعدم القصد إلى الوزن من لزوم خفاء ذلك على علم الله تعالى فلماذا لا تجعل في موضع تلك الفقرات المتزنة فقرات سليمة من الاتزان .
ولم أر لأحد من المفسرين والخائضين في وجوه إعجاز القرآن التصدي لاقتلاع هذه الشبهة وقد مضت عليها من الزمان برهة وكنت غير مقتنع بتلك الردود ولا أرضاها وأراها غير بالغة من غاية خيل الحلبة منتهاها .
A E فالذي بدا لي أن نقول : أن القرآن نزل بأفصح لغات البشر التي تواضعوا واصطلحوا عليها ولو أن كلاما كان أفصح من كلام العرب أو أمة كانت أسلم طباعا من الأمة العربية لاختارها الله لظهور أفضل الشرائع وأشرف الرسل وأعز الكتب الشرعية .
ومعلوم أن القرآن جاء معجزا لبلغاء العرب فكانت تراكيبه ومعانيها بالغين حدا يقصر عنه كل بليغ من بلغائهم على مبلغ ما تتسع له اللغة العربية فصاحة وبلاغة فإذا كانت نهاية مقتضى الحال في مقام من مقامات الكلام تتطلب لإيفاء حق الفصاحة والبلاغة ألفاظا وتركيبا ونظما فاتفق أن كان لمجموع حركاتها وسكوناتها ما كان جاريا على ميزان الشعر العربي في أعاريضه وضروبه لم يكن ذلك الكلام معدودا من الشعر لو وقع مثله في كلام عن غير قصد فوقوعه في كلام البشر قد لا يتفطن إليه قائله ولو تفطن له لم يعسر تغييره لأنه ليس غاية ما يقتضيه الحال اللهم إلا أن يكون قصد به تفننا في الإتيان بكلام ظاهره نثر وتفكيكه نظم .
فأما وقوعه في كلام الله تعالى فخارج عن ذلك كله من ثلاثة وجوه : أحدها : أن الله لا يخفى عليه وقوعه في كلام أوحى به إلى رسوله A .
الثاني : أنه لا يجوز تبديل ذلك المجموع من الألفاظ بغيره لأن مجموعها هو جميع ما اقتضاه الحال وبلغ حد الإعجاز .
الثالث : أن الله لا يريد أن يشتمل الكلام الموحى به من عنده على محسن الجمع بين النثر والنظم لأنه أراد تنزيه كلامه عن شائبة الشعر