وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذه الآية ترجع إلى ما تضمنه قوله تعالى ( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) فقد بينا أن المراد بالآيات آيات القرآن فإعراضهم عن القرآن له أحوال شتى : بعضها بعدم الامتثال لما يأمرهم به من الخير مع الاستهزاء بالمسلمين وهو قوله تعالى ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) الآية وبعضها بالتكذيب لما ينذرهم به من الجزاء وهو قوله ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) . ومن إعراضهم عنه طعنهم في آيات القرآن بأقوال شتى منها قولهم : هو قول شاعر فلما تصدى القرآن لإبطال تكذيبهم بوعيد بالجزاء يوم الحشر بما تعاقب من الكلام على ذلك عاد هنا إلى طعنهم في ألفاظ القرآن من قولهم ( بل افتراه بل هو شاعر ) يقتضي لا محاولة أنهم يقولون : القرآن شعر .
فالجملة معطوفة على جملة ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) عطف القصة على القصة والغرض على الغرض . ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافا ابتدائيا ويكون الواو للاستئناف ولذلك اقتصر هنا على تنزيه القرآن عن أن يكون شعرا والنبي A عن أن يكون شاعرا دون التعرض لتنزيه عن أن يكون ساحرا أو أن يكون مجنونا لأن الغرض الرد على إعراضهم عن القرآن ألا ترى أنه لما قصد إبطال مقالات لهم في القرآن قال في الآية الأخرى ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ) .
وضير ( علمناه ) عائد إلى معلوم من مقام الرد وليس عائد إلى مذكور إذ لم يتقدم له معاد .
وبني الرد عليهم على طريقة الكناية بنفي تعليم النبي A الشعر لما في ذلك من إفادة أن القرآن معلم للنبي A من قبل الله تعالى وأنه ليس بشعر وأن النبي A ليس بشاعر .
A E وانتصب ( الشعر ) على أنه مفعول ثان لفعل ( علمناه ) وهذا الفعل من أفعال العلم ومجرده يتعدى إلى مفعول واحد غالبا نحو علم المسألة . ويتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر فإذا دخله التضعيف صار متعديا إلى مفعولين فقط اعتدادا بأن مجرده متعد إلى واحد كقوله تعالى ( وإذ علمتك الكتاب والحكمة ) في سورة العقود وقوله ( وما علمناه الشعر ) في هذه السورة يس وهذه تفرقة في الاستعمال موكولة إلى اختبار أهل اللسان نبه عليه الرضي في شرح الكافية في باب تعدية أفعال القلوب إلى مفعولين بأن أصله متعد إلى واحد .
فتقدير المعنى : نحن علمناه القرآن وما علمناه الشعر فالقرآن موحى إليه بتعليم من الله والذي أوحى به إليه ليس بشعر وإذن فالمعنى : أن القرآن ليس من الشعر في شيء فكانت هاته الجملة ردا على قولهم : هو شاعر على طريقة الكناية لأنها انتقال من اللازم إلى الملزوم .
ودل على أن هذا هو المقصود من قوله ( وما علمناه الشعر ) قوله عقبة ( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) أي ليس الذي علمناه إياه إلا ذكرا وقرآنا وما هو بشعر .
والتعليم هنا بمعنى الوحي أي وما أوحينا إليه الشعر فقد أطلق التعليم على الوحي في قوله تعالى ( إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ) وقال ( وعلمك ما لم تكن تعلم ) .
وكيف يكون القرآن شعرا والشعر كلام موزون مقفى له معان مناسبة لأغراضه التي أكثرها هزل وفكاهة فأين الوزن في القرآن وأين التقفية وأين المعاني التي ينتجها الشعر وأين نظم كلامهم من نظمه وأساليبهم من أساليبه . ومن العجيب في الوقاحة أن يصدر عن أهل اللسان والبلاغة قول هذا ولا شبهة لهم فيه بحال فما قولهم ذلك إلا بهتان