وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والوجه عندي أن لكون جملة ( ومن نعمره ) عطفا على جملة ( ولو نشاء لمسخاهم على مكانتهم ) فهي جملة شرطية عطفت على جملة شرطية فالمعطوف عليها جملة شرط امتناعي والمعطوف عليها جملة شرط امتناعي والمعطوفة جملة شرط امتناعي والمعطوفة جملة شرط تعليقي والجملة الأولى أفادت إمهالهم والإملاء لهم والجملة المعطوفة أفادت إنذارهم بعاقبة غير محمودة ووعيدهم بحلولها بهم أي إن كنا لم نمسخهم ولم نطمس على عيونهم فقد أبقيناهم ليكونوا مغلوبين أذلة فمعنى ( ومن نعمره ) من نعمره منهم .
فالتعمير بمعنى الإبقاء أي من نبقيه منهم ولا نستأصله منهم أي من المشركين فجعله بين الأمم دليلا فالتعمير المراد هنا كالتعمير الذي في قوله تعالى ( أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر ) بأن معناها : ألم نبقكم مدة من الحياة تكفي المتأمل وهو المقدر بقوله ( ما يتذكر فيه من تذكر ) .
وليس المراد من التعمير فيها طول الحياة وإدراك الهرم كالذي في قولهم : فلان من المعمرين فإن ذلك لم يقع بجميع أهل النار الذين خوطبوا بقوله ( أو لم نعمركم ) . وقد طويت في الكلام جملة تقديرها : ولو نشاء لأهلكناهم يدل عليها قوله ( ومن نعمره ) أي نبقه حيا .
والنكس : حقيقة قلب الأعلى أسفل ما يقرب من الأسفل قال تعالى ( ناكسوا رءوسهم ) . ويطلق مجازا على الرجوع من حال حسنة إلى سيئة ولذلك يقال : فلان نكس إذا كان ضعيفا لا يرجى لنجدة وهو فعل بمعنى مفعول كأنه منكوس في خلائق الرجولة ف ( ننكسه ) مجاز لا محالة إلا أنا نجعله مجازا في الإذلال بعد العزة وسوء الحالة بعد زهرتها .
A E والخلق : مصدر خلقه ويطلق على المخلوق كثيرا وعلى الناس . وفي حديث عائشة عن الكنسية التي رأتها أم سلمة وأم حبيبة بالحبشة قال النبي A " وأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " أي شرار الناس .
ووقوع حرف ( في ) هنا يعين أن الخلق هنا مراد به الناس أي تجعله دليلا في الناس وهو أليق بهذا المعنى دون في خلقته لأن الإنكاس لا يكون في أصل الخلقة إنما يكون في أطوارها وقد فسر بذلك قوله تعالى ( وزادكم في الخلق بسطة ) أي زادكم قوة وسعة في الأمم أي في الأمم المعاصرة لكم فهو وعيد لهم ووعد للمؤمنين بالنصر على المشركين ووقوعهم تحت نفوذ المسلمين فإن أولئك الذين كانوا رؤوسا للمشركين في الجاهلية صاروا في أسر المسلمين يوم بدر وفي حكمهم يوم الفتح فكانوا يدعون الطلقاء .
وقرأ الجمهور ( ننكسه ) بفتح النون الأولى وسكون النون الثانية وضم الكاف مخففة وهو مضارع نكس المتعدي يقال : نكس رأسه . وقرأه عاصم وحمزة بضم النون الأولى وفتح النون الثانية وكسر الكاف مشددة مضارع نكس المضاعف .
وفرع على الجمل الشرطية الثلاث وما تفرع عليها قوله ( أفلا تعقلون ) استئنافا إنكاريا لعدم تأملهم في عظيم قدرة الله تعالى الدالة على أنه لو شاء لطمس على أعينهم ولو شاء لمسخهم على مكانتهم وأنه إن لم يفعل ذلك فإنهم لا يسلمون من نصره المسلمين عليهم لأنهم لو قاسوا مقدورات الله تعالى المشاهدة لهم لعلموا أن قدرته على مسخهم فما دونه من إنزال مكروه بهم أيسر من قدرته على إيجاد المخلوقات العظيمة المتقنة وأنه لا حائل بين تعلق قدرته بمسخهم إلا عدم إرادته ذلك لحكمة علمها فإن القدرة إنما تتعلق بالمقدورات على وفق الإرادة .
وقرأ نافع وابن ذكوان عن أبي عامر وأبو جعفر ( أفلا تعقلون ) بتاء الخطاب وهو خطاب للذين وجه إليهم قوله ( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم ) الآية . وقرأ الباقون بياء الغيبة لأن تلك الجمل الشرطية لا تخلوا من مواجهة بالتعريض للمتحدث عنهم فكانوا أحرياء أن يعقلوا مغزاها ويتفهموا معناها .
( وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين [ 69 ] لتنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين [ 70 ] )