وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والتعريف في ( اليوم ) تعريف العهد أي هذا اليوم الحاضر وأريد به جواب ما كانوا يقولون في الحياة الدنيا من استبطاء الوعد والتكذيب إذ يقولون ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) .
والباء في ( بما كنتم تكفرون ) سببية أي بسبب كفركم في الدنيا .
( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيدتهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون [ 65 ] ) والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا وقوله ( اليوم ) ظرف متعلق ب ( نختم ) .
والقول في لفظ ( اليوم ) كالقول في نظائره الثلاثة المتقدمة وهو تنويه بذكره بحصول هذا الحال العجيب فيه وهو انتقال النطق من موضعه المعتاد إلى الأيدي والأرجل .
وضمائر الغيبة في ( أفواههم وأيديهم وأرجلهم ويكسبون ) عائدة على الذين خوطبوا بقوله ( هذه جهنم التي كنتم توعدون ) على طريقة الالتفات . وأصل النظم : اليوم نختم على أفواهكم وتكلمنا أيديكم وتشهد أرجلكم بما كنتم تكسبون . ومواجهتهم بهذا الإعلام تأسيس لهم بأنهم لا ينعهم إنكار ما أطلعوا عليه من صحائف إعمالهم كما قال تعالى ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) .
وقد طوي في هذه الآية ما ورد تفصيله في آي أخر فقد قال تعالى ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) وقال ( وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين ) .
A E وفي صحيح مسلم عن أنس قال رسول الله A " يخاطب العبد ربه يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : إني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني فيقول الله : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا فيختم على فيه . فيقال لأركانه : انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل " وإنما طوي ذكر الداعي إلى خطابهم بهذا الكلام لأنه لم يتعلق به غرض هنا فاقتصر على المقصود .
وقد يخيل تعارض بين هذه الآية وبين قوله ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) . ولا تعارض لأن آية يس في أحوال المشركين وآية سورة النور في أحوال المنافقين .
والمراد بتكلم الأيدي تكلهما بالشهادة والمراد بشهادة الأرجل نطقها بالشهادة ففي كلتا الجملتين احتباك . والتقدير : وتكلمنا أيديهم فتشهد وتكلمنا أرجلهم فتشهد .
ويتعلق ( بما كانوا يكسبون ) بكل من فعلي ( تكلمنا وتشهد ) على وجه التنازع . وما يكسبونه : هو الشرك وفروعه . وتكذيبهم الرسول A وما ألحقوا به من الأذى .
( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون [ 66 ] ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون [ 67 ] ) عطف على جملة ( ويقولون متى هذا الوعد ) . وموقع هاتين الآيتين من التي قبلهما أنه لما ذكر الله إلجاءهم إلى الاعتراف بالشرك بعد إنكاره يوم القيامة كان ذلك مثيرا لأن يهجس في نفوس المؤمنين أن يتمنوا لو سلك الله بهم في الدنيا مثل هذا الإلجاء فألجأهم إلى الإقرار بوحدانيته وإلى تصديق رسوله واتباع دينه فأفاد الله أنه لو تعلقت إرادته بذلك في الدنيا لفعل إيماء إلى أن إرادته تعالى تجري تعلقاتها على وفق علمه تعالى وحكمته فهو قد جعل الدنيا جاريا على حصول الأشياء عن أسبابها التي وكل الله إليها إنتاج مسبباتها واثارها وتوالداتها حتى إذا بدل هذا العالم الحقيقة أجرى الأمور كلها على المهيع الحق الذي لا ينبغي غيره في مجاري العقل والحكمة . والمعنى أنا ألجأناهم إلى الإقرار في الآخرة بأن ما كانوا عليه في الدنيا شرك وباطل ولو نشاء لأريناهم آياتنا في الدنيا ليرتدعوا ويرجعوا عن كفرهم وسوء إنكارهم .
ولما كانت ( لو ) تقتضي امتناعا لامتناع فهي تقتضي معنى : لكنا لم نشأ ذلك فتركناهم على شأنهم استدراجا وتمييزا بين الخبيث والطيب . فهذا كلام موجه إلى المسلمين ومراد منه تبصرة المؤمنين وإرشادهم إلى الصبر على ما يلاقونه من المشركين حتى يأتي نصر الله .
فالطمس والمسخ المتعلقان على الشرط الامتناعي طمس ومسخ في الدنيا لا في الآخرة