وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( من ) استفهام عن فاعل البعث مستعمل في التعجب والتحسر من حصول البعث . ولما كان البعث عندهم محالا كنوا عن التعجب من حصوله بالتعجب من فاعله لأن الأفعال الغريبة تتوجه العقول إلى معرفة فاعلها لأنهم لما بعثوا وأزجي بهم إلى العذاب علموا أنه بعث فعله من أراد تعذيبهم .
والمرقد : مكان الرقاد . وحقيقة الرقاد : النوم . وأطلقوا الرقاد على الموت والاضطجاع في القبور تشبيها بحالة الراقد .
ثم لم يلبثوا أن استحضرت نفوسهم ما كانوا ينذرون به في الدنيا فاستأنفوا عن تعجبهم قولهم ( هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون ) .
وهذا الكلام خبر مستعمل في لازم الفائدة وهو أنهم علموا سبب ما تعجبوا منه فبطل العجب فيجوز أن يكونوا يقولون ذلك كما يتكلم المتحسر بينه وبين نفسه وأن يقوله بعضهم لبعض كل يظن أن صاحبه لم يتفطن للسبب فيريد أن يعلمه به .
وأتوا في التعبير عن اسم الجلالة بصفة الرحمان إكمالا للتحسر على تكذيبهم بالبعث بذكر ما كان مقارنا للبعث في تكذيبهم وهو إنكار هذا الاسم كما قال تعالى ( وإذا قيل اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمان ) .
والإشارة بقوله ( هذا ) إشارة إلى الحالة المرئية لجميعهم وهي حالة خروجهم من الأرض .
وجملة ( وصدق المرسلون ) عطف على جملة ( هذا ما وعد الرحمان ) وهو مستعمل في التحسر على أن كذبوا الرسل .
A E وجمع المرسلون مع أن المحكي كلام المشركين الذين يقولون ( متى هذا الوعد ) إما لأنهم استحضروا أن تكذيبهم محمدا A كان باعثه إحالتهم إن يكون الله يرسل بشرا رسولا فكان ذلك لأنهم لا يصدقون أحدا يأتي برسالة من الله كما حكى عنهم قوله تعالى ( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) فلما تحسروا على خطإهم ذكروه بما يشمله ويشمل سببه كقوله تعالى ( كذبت قوم نوح المرسلين ) في سورة الشعراء . وقوله في سورة الفرقان ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ) وإما لأن ذلك القول صدر عن جميع الكفار المبعوثين من الأمم فعلمت كل أمة خطأها في تكذيب رسولها وخطأ غيرها في تكذيب رسلهم فنطقوا جميعا بما يفصح عن الخطأين وقد مضى أن ضمير ( فإذا هم جميع ) يجوز أن يعود على جميع الناس .
ومن المفسرين من جعل قوله ( هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون ) من كلام الملائكة يجيبون به قول الكفار ( من بعثنا من مرقدنا ) فهذا جواب يتضمن بيان من بعثهم مع تنديمهم على تكذيبهم به في الحياة الدنيا حين أبلغهم الرسل ذلك عن الله تعالى . واسم ( الرحمان ) حينئذ من كلام الملائكة لزيادة توبيخ الكفار على تجاهلهم به في الدنيا .
( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون [ 53 ] ) فذلكة لجملة ( ما ينظرون إلا صيحة واحدة ) إلى قوله ( وصدق المرسلون ) لأن النفخ مرادف للصيحة في إطلاقها المجازي فاقتران فعل كانت بتاء التأنيب لتأويل النفخ مأخوذ من ( ونفخ في الصور ) بمعنى النفخة ينظر إلى الإخبار عنه ب ( صيحة ) . ووصفها ب ( واحدة ) لأن ذلك الوصف هو المقصود من الاستثناء المفرغ أي ما كان ذلك الفخ إلا صيحة واحدة لا يكرر استدعاؤهم للحضور بل النفخ الواحد يخرجهم من القبور ويسير بهم ويحضرهم للحساب .
وأما قول تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) فتلك نفخة سابقة تقع على الناس في الدنيا فيفنى بها الناس وسيأتي ذكرها في سورة الزمر .
ولما كان قوله ( إن كانت إلا صيحة واحدة ) في قوة التكرير والتوكيد لقوله ( ونفخ في الصور ) كان ما تفرع عليه من قوله ( فإذا هم جميع لدينا محضرون ) بمنزلة العطف على قوله ( فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) فكأنه مثل ( ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) و ( إذا هم جميع لدينا محضرون ) وإعادة حرف المفاجأة إيماء إلى حصول مضمون الجملتين المقترنتين بحرف المفاجأة في مثل لمح البصر حتى كأن كليهما مفاجأ في وقت واحد .
وتقدم الكلام على نظير هذا التركيب آنفا .
و ( جميع ) نعت للمبتدأ أي هم جميعهم فالتنوين في ( جميع ) عوض المضاف إليه الرابط للنعت بالمنعوت أي مجتمعون لا يحضرون أفواجا وزرافات وقد تقدم قوله تعالى ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) في هذه السورة