وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإدراك : اللحاق والوصول إلى البغية فقوله ( أن تدرك ) فاعل ( ينبغي ) فأفاد الكلام نفي انبغاء إدراك الشمس القمر . والمعنى : نفي أن تصطدم الشمس بالقمر خلافا لما يبدو من قرب منازلهما فإن ذلك من المسامتة لا من الاقتراب .
وصوغ هذا بصيغة الأخبار عن المسند إليه بالمسند الفعلي لإفادة تقوي حكم النفي فذلك أبلغ في الانتفاء مما لو قيل : لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر .
وافتتاح الجملة بحرف النفي قبل ذكر الفعل المنفي ليكون النفي متقررا في ذهن السامع أقوى مما لو قيل : الشمس لا ينبغي لها أن تدرك القمر فكان في قوله ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ) خصوصيتان .
ولما ذكر الشمس والقمر وكانت الشمس مقارنة للنهار في مخيلات البشر وكان القمر مقارنا لليل وكان في نظام الليل والنهار منافع للناس اعترض بذكر نظام الشمس والقمر أثناء الاعتبار بنظام الليل والنهار .
ومعنى ( ولا الليل سابق النهار ) أن الليل ليس بمفلت للنهار فالسبق بمعنى التخلص والنجاة كقول مرة بن عداء الفقعسي : .
كأنك لم تسبق من الدهر مرة ... إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب A E وقوله تعالى ( أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ) في سورة العنكبوت و المعنى : أن انسلاخ النهار على الليل أمر مسخر لا قبل لليل أن يتخلف عنه .
ولا يستقيم تفسير السبق هنا بمعناه المشهور وهو الأولية بالسير لأن ذلك لا يتصور في تداول الليل والنهار ولا أن يكون المراد بالسبق ابتداء التكوين إذ لا يتعلق بذلك غرض مهم في الآية على أن الشأن أن تكون الظلمة أسبق في التكوين .
والغرض التذكير بنعمة الليل ونعمة النهار فإن لكليهما فوائد للناس فلو تخلص أحدهما من الآخر فاستقر في الأفق لتعطلت منافع جمة من حياة الناس والحيوان .
وفي الكلام اكتفاء أي لأن التقدير : ولا القمر يدرك الشمس ولا النهر سابق الليل .
وقوله ( وكل في فلك يسبحون ) عطف على جملة ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ) . والواو عاطفة ترجيحا لجانب الإخبار بهذه الحقيقة على جانب التذييل وإلا فحق التذييل الفصل .
وما أضيف إليه ( كل ) محذوف وتنوين ( كل ) تنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف فالتقدير : وكل الكواكب .
وزيدة قرينة السياق تأكيدا بضمير الجمع في قوله ( يسبحون ) مع أن المذكور من قبل شيئان لا أشياء وبهذا التعميم صارت الجملة في معنى التذييل .
والفلك : الدائرة المفروضة في الخلاء الجوي لسير أحد الكواكب سيرا مطردا لا يحيد عنه فإن أهل الأرصاد الأقدمين لما رصدوا تلك المدارات وجدوها لا تتغير ووجدوا نهايتها تتصل بمبتداها فتوهموها طرائق مستديرة تسير فيها الكواكب كما تتقلب الكرة على الأرض وربما توسعوا في التوهم فظنوها طرائق صلبة ترتكز عليها الكواكب في سيرها مجرورة بسلاسل وكلاليب وكان ذلك في معتقد القبط بمصر .
وسمى العرب تلك الطرائق أفلاكا وأحدها فلك اشتقوا له اسما من اسم فلكة المغزل وهي عود في أعلاه خشبة مستديرة متبطحة مثل التفاحة الكبيرة تلف المرأة عليها خيوط غزلها التي تفتلها لتديرها بكفيها . فلتف عليها خيوط الغزل فتوهموا الفلك جسما كرويا وتوهموا الكواكب موضوعة عليه تدور بدورته ولذلك قدروا الزمان بأنه حركة الفلك . وسمو ما بين مبدأ المدتين حتى ينتهي إلى حيث ابتدأ دورة الفلك ولكن القرآن جاراهم في الاسم اللغوي لأن ذلك مبلغ اللغة واصلح لهم ما توهموا بقوله ( يسبحون ) فبطل أن تكون أجرام الكواكب ملتصقة بأفلاكها ولزم من كونها سابحة أن طرائق سيرها دوائر وهمية لأن السبح هنا سبح في الهواء لا في الماء والهواء لا تخطط فيه الخطوط ولا الأخاديد .
وجيء بضمير ( يسبحون ) ضمير جمع مع أن التقدم ذكره شيئان هما الشمس والقمر لأن المراد إفادة تعميم هذا الحكم للشمس والقمر وجميع الكواكب وهي حقيقة علمية سبق بها القرآن .
وجملة ( كل في فلك ) فيها محسن الطرد والعكس فإنها تقرأ من آخرها كما تقرأ من أولها .
( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون [ 41 ] وخلقنا لهم من مثله ما يركبون [ 42 ] وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقضون [ 43 ] إلا رحمة منا ومتعا إلى حين [ 44 ] )