وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واللام في ( لمستقر ) يجوز أن تكون لام التعليل على ظاهرها أي تجري لأجل أن تستقر أي لأجل أن ينتهي جريها كما ينتهي سير المسافر إذا بلغ إلى مكانه فاستقر فيه وهو متعلق ب ( تجري ) على أنه نهاية له لأن سير الشمس لما كانت نهايته انقطاعه نزل الانقطاع عنه منزلة العلة كما يقال " لدوا للموت وابنوا للخراب " .
وتنزيل النهاية منزلة العلة مستعمل في الكلام ومنه قوله تعالى ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) . والمعنى : أنها تسير سيرا دائبا مشاهدا إلى أن تبلغ الاحتجاب عن الأنظار .
ويجوز أن تكون اللام بمعنى " إلى " أي تجري إلى مكان استقرارها وهو مكان الغروب شبه غروبها عن الأبصار بالمستقر والمأوى الذي يأوي إليه المرء في آخر النهار بعد الأعمال .
A E وقد ورد تقريب ذلك في حديث أبي ذر الهروي في صحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي بروايات مختلفة حاصل ترتيبها أنه قال " كنت مع رسول الله في المسجد عند غروب الشمس فسألته " أو قال " : إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها : ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فذلك مستقر لها ومستقرها تحت العرش فذلك قوله تعالى ( والشمس تجري لمستقر لها ) .
وهذا تمثيل وتقريب لسير اليومي الذي يبتدئ بشروقها على بعض الكرة الأرضية وينتهي بغروبها على بعض الكرة الأرضية في خطوط دقيقة وبتكرر طلوعها وغروبها تتكون السنة الشمسية .
وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش وهو سمت معين لا قبل للناس بمعرفته وهو منتهى مسافة سيرها اليومي وعنده ينقطع سيرها في إبان انقطاعه وذلك حين تطلع من مغربها أي حين ينقطع سير الأرض حول شعاعها لأن حركة الأجرام التابعة لنظامها تنقطع تبعا لانقطاع حركتها هي وذلك نهاية بقاء هذا العلم الدنيوي .
واللام في قوله ( لها ) لام الاختصاص وهو صفة ( لمستقر ) . وعدل عن إضافة مستقر لضمير الشمس المغنية عن إظهار اللام إلى الإتيان باللام ليتأتى تنكير ( مستقر ) تنكيرا مشعرا بتعظيم ذلك المستقر .
وكلام النبي A هذا تمثيل لحال الغروب والشروق اليوميين . وجعل سجود الشمس تمثيلا لتسخرها لتسخير الله إياها كما جعل القول تمثيلا له في آية ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) .
واعلم أن قوله ( لمستقر لها ) إدماج للتعليم في التذكير وليس من آية الشمس للناس لأن الناس لا يشعرون به فهو كقوله تعالى ( ليقضى أجل مسمى ) عقب الامتنان بقوله ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ) .
والإشارة ب ( ذلك تقدير العزيز العليم ) إلى المذكور : إما من قوله ( والشمس تجري ) أي ذلك الجري وإما منه ومن قوله ( وآية لهم الليل ) أي ذلك المذكور من تعاقب الليل والنهار .
وذكر صفتي ( العزيز العليم ) لمناسبة معناهما للتعلق بنظام سير الكواكب فالعزة تناسب تسخير هذا الكوكب العظيم والعلم يناسب النظام البديع الدقيق وتقدم تفصيله عند قوله تعالى ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) في سورة الفرقان .
( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم [ 39 ] ) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وروح عن يعقوب برفع " والقمر " فهو إما معطوف على ( والشمس تجري ) عطف المفردات وإما مبتدأ والعطف من عطف الجمل .
وجملة ( قدرناه ) إما حال وإما خبر . وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ورويس عن يعقوب وخلف بنصب ( القمر ) على الاشتغال فهو إذن من عطف الجمل .
وتقدم تفسير منازل القمر عند قوله تعالى ( وقدره منازل لتعلوا عدد السنين والحساب ) في سورة يونس