وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والسلخ : إزالة الجلد عن حيوانه وفعله يتعدى إلى الجلد المزال بنفسه على المفعولية ولذلك يقال للجلد المزال من جسم الحيوان : سلخ " بكسر السين وسكون اللام " بمعنى مسلوخ ولا يقال للجسم الذي أزيل جلده : سلخ . ويتعدى فعل سلخ إلى الجسم الذي أزيل جلده بحرف الجر والأكثر أنه " من " الابتدائية ويتعدى بحرف " عن " أيضا لما في السلخ من معنى المباعدة والمجاوزة بعد الاتصال .
فمفعول ( نسلخ ) هنا هو ( النهار ) بلا ريب وعدي السلخ إلى ضمير " الليل " ب " من " فصار المعنى : الليل آية لهم في حال إزالة غشاء نور النهار عنه فيبقى عليهم الليل فشبه النهار بجلد الشاة ونحوها يغطي ما تحته منها كما يغطي النهار ظلمة الليل في الصباح . وشبه كشف النهار وإزالته بسلخ الجلد عن نحو الشاة فصار الليل بمنزلة جسم الحيوان المسلوخ منه جلده وليس الليل بمقصود بالتشبيه وإنما المقصود تشبيه زوال النهار عنه فاستتبع ذلك أن الليل يبقى شبه الجسم المسلوخ عن جلده . ووجه ذلك أن الظلمة هي الحالة السابقة للعوالم قبل خلق النور في الأجسام النيرة لأن الظلمة عدم والنور وجود وكانت الموجودات في ظلمة قبل أن يخلق الله الكواكب النيرة ويوصل نورها إلى الأجسام التي تستقبلها كالأرض والقمر .
A E وإذا كانت الظلمة هي الحالة الأصلية للموجودات فليس يلزم أن تكون أصلية للأرض لأن الظاهر أن الأرض انفصلت عن الشمس نيرة وإنما ظلمة نصف الكرة الأرضية إذا غشيها نور الجسم معتبرة كالجسم الذي غشيه جلده فإذا أزيل النور عادت الظلمة فشبه ذلك بسلخ الجلد عن الحيوان كما قال تعالى في مقابله في سورة الرعد ( يغشي الليل النهار ) .
فليس في الآية دليل على أن أصل أحوال العالم الأرضي هو الظلمة ولكنها ساقت للناس اعتبارا ودلالة بحالة مشاهدة لديهم ففرع عليه ( فإذا هم مظلمون ) بناء على ما هو متعارف .
وقد اعتبر أئمة البلاغة الاستعارة في الآية أصلية تبعية ولم يجعلوها تمثيلية لما قدمناه من أن المقصود بالتشبيه هو حالة زوال نور النهار عن الأفق فتخلفها ظلمة الليل لقوله ( فإذا هم مظلمون ) .
وإسناد ( مظلمون ) إلى الناس من إسناد إفعال الذي الهمزة فيه للدخول في الشي مثل أصبح وأمسى .
( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم [ 38 ] ) ( الشمس ) يجوز أن يكون معطوفا على ( الليل ) من قوله ( وآية لهم الليل ) عطف مفرد على مفرد ويقدر له خبر مماثل لخبر الليل والتقدير : والشمس آية لهم وتكون جملة ( تجري ) حالا من ( الشمس ) مثل جملة ( نسلخ منه النهار ) .
ويجوز أن يكون عطف جملة على جملة ويكون قوله ( تجري ) خبرا عن ( الشمس ) . وأياما كان هو تفصيل لإجمال جملة ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) الخ كما دل غليه قوله الآتي ( ولا الليل سابق النهار ) وكان مقتضى الظاهر من كونه تفصيلا أن لا يعطف فيقال : الشمس تجري لمستقر لها فخولف مقتضى الظاهر لأن في هذا التفصيل آية خاصة وهي آية سير الشمس والقمر .
وقدم التنبيه على آية الليل والنهار لما ذكرناه هنالك فكانت آية الشمس المذكورة هنا مرادا بها دليل آخر على عظيم صنع الله تعالى وهو نظام الفصول .
وجملة ( تجري لمستقر لها ) يتحمل الوجوه التي ذكرناها في جملة ( أحييناها ) من كونها حالا أو بيانا لجملة ( وآية لهم ) أو بدل اشتمال من ( آية ) .
والجري حقيقته : السير السريع لذوات الأرجل وأطلق مجازا على تنقل الجسم من مكان إلى مكان تنقلا سريعا بالنسبة لتنقل أمثال ذلك الجسم وغلب هذا الإطلاق فساوى الحقيقة وأريد به السير في مسافات متباعدة جد التباعد فتقطعها في مدة قصيرة بالنسبة لتباعد الأرض حول الشمس . وهذا استدلال بآثار ذلك السير المعروفة للناس معرفة إجمالية بما يحسبون من الوقت وامتداد الليل والنهار وهي المعرفة لأهل المعرفة بمراقبة أحوالها من خاصة الناس وهم الذين يرقبون منازل تنقلها المسماة بالبروج الاثني عشر والمعروفة لأهل العلم بالهيئة تفصيلا واستدلالا وكل هؤلاء مخاطبون بالاعتبار بما بلغه علمهم .
والمستقر : مكان الاستقرار أي القرار أو زمانه فالسين والتاء فيه للتأكيد مثل : استجاب بمعنى أجاب