وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والأزواج : جمع زوج وهو يطلق على كل من الذكر والأنثى من الحيوان ويطلق الزوج على معنى الصنف المتميز بخواصه من الموجودات تشبيها له بصنف الذكر وصنف الأنثى كما في قوله تعالى ( فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) وتقدم في سورة طه والإطلاق الأول هو الكثير كما يؤخذ من كلام الراغب وهو الذي يناسبه اللفظ من الزوج الذي يكون ثانيا لآخر فيجوز أن يحمل ( الأزواج ) في هذه الآية على المعنى الأول فيكون تذكيرا بخلق أصناف الحيوان الذي منه الذكر والأنثى وتكون " من " في المواضع الثلاثة ابتدائية متعلقة بفعل ( خلق ) .
وهذا إدماج لذكر آيه أخرى من آيات الانفراد بالخلق فخلق الحيوان بما فيه من القوى لتناسله وحماية نوعه وإنتاج منافعه هو أدق الخلق صنعا وأعمقه حكمة وأدخله في المنة على الإنسان بأن جعلت منافع الحيوان له كما في آية سورة المؤمنين . فمن أجل ذلك خص من الخلق الآخر بقرنه بالتسبيح لخالقه تنويها بشأنه وتفننا في سرد أعظم المواليد الناشئة عن إبداع قوة الحياة للأرض وانبثاق أنواع الأحياء وأصنافها منها كما أشار إليه الابتداء بذكر ( مما تنبت الأرض ) قبل غيره من مبادئ التخلق لأنه الأسبق في تكوين مواد حياة الحيوان فإنه يتولد من النطف الذكور والإناث وتتولد النطف من قوى الأغذية الحاصلة من تناول النبات فذلك من معنى قوله ( مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ) أي ومما يتكون فيهم من أجزائهم الحيوانية .
A E وجئ بضمير جماعة العقلاء تغليبا لنوع الإنسان نظرا لكونه المقصود بالعبرة بهذه الآية وللتخلص إلى تخصيصه بالعبرة في قوله ( ومما لا يعلمون ) .
وإشارة قوله تعالى ( ومما لا يعلمون ) إلى أسرار مودعة في خلق أنواع الحيوان وأصنافه هي التي ميزت أنواعه عن بعض وميزت أصنافه وذكوره عن إناثه وأودعت فيه الروح الذي امتاز به عن النبات بتدبير شؤونه على حسب استعداد كل نوع وكل صنف حتى يبلغ في الارتقاء إلى أشراف الأنواع وهو نوع الإنسان فمعنى ( مما لا يعملون ) : مما لا يعلمونه تفصيلا وان كانوا قد يشعرون به إجمالا فإن المتأمل يعلم أن في المخلوقات أسرارا خفيفة لم تصل إفهامهم إلى إدراك كنهها ومن ذلك الروح فقد قال تعالى ( قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) .
وقد يتفاضل الناس في إدراك بعض تلك الخصائص إجمالا وتفصيلا ثم يستوون في عدم العلم ببعضها وقد يمتاز بعض الطوائف أو الأجيال بمعرفة شئ من دقائق الخلق بسبب اكتشاف أو تجربة أو تقضي آثار لم يكن يعرفها غير أولئك ثم يستوون فيما بقي تحت طي الخفاء من دقائق التكوين فبهذا الشعور الإجمالي بها وقع عدها في ضمن الاعتبار بآية خلق الأزواج من جميع النواحي .
وإذا حمل ( الأزواج ) في قوله ( سبحن الذي خلق الأزواج كلها ) على المعنى الثاني لهذا اللفظ وهو إطلاقه على الأصناف والأنواع كما في قوله ( فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) كانت ( من ) في المواضع الثلاثة بيانية والمجرور بها في فحوى عطف البيان أو بدل مفصل من مجمل قوله ( الأزواج ) والمعنى : الأزواج كلها التي هي : ما تنبت الأرض وأنفسهم وما لا يعلمون . ويدل قوله ( ومما لا يعلمون ) على محذوف تقديره : وما يعلمون وذلك من دلالة الإشارة .
فخص بالذكر أصناف النبات لأن بها قوام معاش الناس ومعاش أنعامهم ودوابهم وأصناف أنفس الناس لأن بها أقوى قال تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) . ثم ذكر ما يعم المخلوقات مما يعلمه الناس وما لا يعلمونه في مختلف الأقطار والأجيال والعصور .
وقدم ذكر النبات إيثارا له بالأهمية في هذا المقام لأنه أشبه بالبعث الذي أومأ إليه قوله ( وإن كل لما جميع لدينا محضرون ) .
وتكرير حرف ( من ) بعد واو العطف للتوكيد على كلا التفسيرين .
وضمير ( أنفسهم ) عائد إلى ( العباد ) في قوله ( يا حسرة على العباد ) . والمراد بهم : المكذبون للرسول A .
( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون [ 37 ] ) انتقال إلى دلالة مظاهر العوالم على دقيق نظام الخلق فيها مما تؤذن به المشاهدة مع التبصر .
وابتدئ منها بنظام الليل والنهار لتكرر وقوعه أمام المشاهدة لكل راء . وجملة ( نسلخ منه النهار ) تحتمل جميع الوجوه التي ذكرناها في جملة ( أحييناها ) آنفا