وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأصل هذا النداء أنه على تنزيل المعنى المثير للإنشاء منزلة العاقل فيقصد اسمه بالنداء لطلب حضوره فكأن المتكلم يقول : هذا مقامك فأحضر كما ينادي من يقصد في أمر عظيم وينتقل من ذلك إلى كتابة عما لحق المتكلم من حاجة إلى ذلك المنادي ثم كثر ذلك وشاع حتى تنوسي ما فيه من الاستعمار والكناية وصار لمجرد التنبيه على ما يجيء بعده والاهتمام حاصل في الحالين .
وتقدم ذلك عند قوله تعالى ( يا ليتني كنت معهم ) في سورة النساء وقوله ( يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ) في سورة الفرقان .
وموقع مثله في كلام الله تعالى تمثيل لحال عباد الله تعالى في تكذيبهم رسل الله بحال من يرثى له أهله وقوعه في هلاك أرادوا منه تجنبه .
A E وجملة ( ما يأتيهم من رسول ) بيان لوجه التحسر عليهم لأن قوله ( يا حسرة على العباد ) وإن كان قد وقع بعد ذكر أهل القرية فإنه لما عمم على جميع العباد حدث إيهام في وجه العموم . فوقع بيانه بأن جميع العباد مساوون لمن ضرب بهم المثل ومن ضرب لهم في تلك الحالة الممثل بها ولم تنفعهم المواعظ والنذر البالغة إليهم من الرسول المرسل إلى كل أمة منهم ومن مشاهدة القرون الذين كذبوا الرسل فهلكوا فعلم وجه الحسرة عليهم إجمالا من هذه الآية ثم تفصيلا من قوله بعد ( ألم يروا كم أهلكنا ) الخ .
والاستثناء في قوله ( إلا به يستهزئون ) مفرغ من أحوال عامة كم الضمير في ( يأتيهم ) أي لا يأتيهم رسول في حال من أحوالهم إلا في حالة استهزائهم به .
وتقديم المجرور على ( يستهزئون ) للاهتمام بالرسول المشعر باستفظاع الاستهزاء به مع تأتي الفاصلة بهذا التقديم فحصل منه غرضان من المعاني ومن البديع .
( ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون [ 31 ] ) هذه الجملة بيان لجمل ( ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) لما فيها من تفصيل الإجمال المستفاد من قوله ( ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) فإن عاقبة ذلك الاستهزاء بالرسول كانت هلاك المستهزئين فعدم اعتبار كل أمة كذبت رسولها بعاقبة المكذبين قبلها يثير الحسرة عليها وعلى نظرائها كما أثارها استهزاؤهم بالرسول وقلة التبصر في دعوته ونذارته ودلائل صدقة .
وضمير ( يروا ) عائد إلى العباد كما يقتضيه تناسق الضمائر . والمعاد فيه عموم ادعائي كما تقدم آنفا فيتعين أن تخص منه أول أمة كذبت رسولها وهم قوم نوح فإنهم لم يسبق قبلهم هلاك أمة كذبت رسولها . فهذا من التخصيص بدليل العقل لأن قوله ( قبلهم ) يرشد بالتأمل إلى عدم شموله أول أمة أرسل إليها .
وقيل يجوز أن يكون ضمير ( ألم يروا ) عائدا إلى ما عاد إليه من ضمير ( وأضرب لهم مثلا ) ويكون المثل قد انتهى بجملة ( يا حسرة على العباد . . ) الآية . وهذا بعيد لأنه كان يقتضي أن تعطف الجملة على جملة ( واضرب لهم مثلا ) كما عطفت جملة ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) الآية وجملة ( وآية لهم الليل نسلخ منه والنهار ) وجملة ( وآية لهم أنا حملنا ذرياتهم في الفلك المشحون ولا ملجئ إلى هذا الاعتبار في المعاد وقد عملت توجيه الاعتبار الأول لتصحيح العموم .
والاستفهام يجوز أن يكون إنكاريا ؛ نزلت غفلتهم عن إهلاك القرون منزل عدم العلم فأنكر عليهم عدم العلم بذلك وهو أمر معلوم مشهور ويجوز كون الاستفهام تقريرا بني التقرير على نفي العلم بإهلاك القرآن استقصاء لمعذرتهم حتى لا يسعهم إلا الإقرار بأنهم عاملون فيكون إقرارهم أشد لزوما لهم لأنهم استفهموا على النفي فكان يسعهم أن ينفوا ذلك .
والرؤية على التقديرين علمية وليست بصرية لأن إهلاك القرون لم يكن مشهودا لأمة جاءت بعد الأمة التي أهلكت قبلها .
وفعل الرؤية معلق عن العمل بورود ( كم ) لأن ( كم ) لها صدر الكلام سواء كانت استفهاما أم خبرا فإن ( كم ) الخبرية منقولة من الاستفهامية وما له صدر الكلام لا يعمل ما قبله فيما بعده .
و ( وكم ) في موضع نصب ب ( أهلكنا ) : ومفادها كثرة مبهمة فسرت بقوله ( من القرون ) ووقعت ( كم ) في موضع المفعول لقوله ( أهلكنا ) .
و ( قبلهم ) ظرف ل ( أهلكنا ) . ومعنى ( قبلهم ) : قبل وجودهم