وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي قوله ( قيل ادخل الجنة ) كناية عن قتله شهيدا في إعلاء كلمة الله لأن تعقيب موعظته بأمره بدخول الجنة دفعة بلا انتقال يفيد بدلالة الاقتضاء أنه مات وأنهم قتلوه لمخالفته دينهم قال بعض المفسرين : قتلوه رجما بالحجارة وقال بعضهم : أحرقوه وقال بعضهم : حفروا له حفرة وردموه فيها حيا .
وإن هذا الرجل المؤمن قد أدخل الجنة عقب موته لأنه كان من الشهداء والشهداء لهم مزية التعجيل بدخول الجنة دخولا غير موسع . ففي الحديث " إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تأكل من ثمار الجنة " .
والقائل ( ادخل الجنة ) هو الله تعالى .
A E والمقول له هو الرجل الذي جاء من أقصى المدينة وإنما لم يذكر ضمير المقول له مجرورا باللام لأن القول المذكور هنا قول تكويني لا يقصد منه المخاطب به بل يقصد حكاية حصوله لأنه إذا حصل حصل أثره كقوله تعالى ( أن نقول له كن فيكون ) .
وإذ لم يقص في المثل أنه غادر مقامه الذي قام فيه بالموعظة كان ذلك إشارة إلى أنه مات في مقامه ذلك ويفهم منه أنه مات قتيلا في ذلك الوقت أو بأثره .
وإنما سلك في هذا المعنى طريق الكناية ولم يصح بأنهم قتلوه إغماضا لهذا المعنى عن المشركين كيلا يسرهم أن قومه قتلوه فيجعلوه من جملة ما ضرب به المثل لهم وللرسول A فيطمعوا فيه أنهم يقتلون الرسول A فهذه الكناية لا يفهمها إلا أهل الإسلام الذين تقرر عندهم التلازم بين الشهادة في سبيل الله ودخول الجنة أما المشركون فيحسبون أن ذلك في الآخرة . وقد تكون في الكلام البليغ خصائص يختص بنفعها بعض السامعين .
وجملة ( قال يا ليت قومي يعلمون ) مستأنفة أيضا استئنافا بيانيا لأن السامع يترقب ماذا قال حين غمره الفرح بدخول الجنة . والمعنى : أنه لم يلهه دخول الجنة عن حال قومه فتمنى أن يعلموا ماذا لقي من ربه ليعلموا فضيلة الإيمان فيؤمنوا وما تمنى هلاكهم ولا الشماتة بهم فكان متسما بكظم الغيظ وبالحلم على أهل الجهل وذلك لأن عالم الحقائق لا تتوجه فيه النفس إلا إلى الصلاح المحض ولا قيمة للحظوظ الدنية وسفساف الأمور .
وأدخلت الباء على مفعول ( يعلمون ) لتضمينه معنى : يخبرون لأنه لا مطمع في أن يحصل لهم علم ذلك بالنظر والاستدلال .
و ( ما ) من قوله ( بما غفر لي ربي ) مصدرية أي يعلمون بغفران ربي وجعله إياي من المكرمين .
والمراد بالمكرمين : الذين تلحقهم كرامة الله تعالى وهم الملائكة والأنبياء وأفضل الصالحين قال تعالى ( بل عباد مكرمون ) يعني الملائكة وعيسى عليهم السلام .
( وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين [ 28 ] إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون [ 29 ] ) رجوع إلى قصة أصحاب القرية بعد أن انقطع الحديث عنهم بذكر الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة ناصحا لهم وكان هذا الرجوع بمناسبة أن القوم قوم ذلك الرجل .
فجملة ( وما أنزلنا على قومه ) الخ عطف على جملة ( قيل ادخل الجنة ) فهي مستأنفة أيضا استئنافا بيانيا لأن السامع يتشوف إلى معرفة ما كان من هذا الرجل ومن أمر قومه الذين نصحهم فلم ينتصحوا فلما بين للسامع ما كان من أمره عطف عليه بيان ما كان من أمر القوم بعده .
وافتتاح قصة عقابهم في الدنيا بنفي صورة من صور الانتقام تمهيد للمقصود من انهم ما حل بهم إلا مثل ما حل بأمثالهم من عذاب الاستئصال أي لم ننزل جنودا من السماء مخلوقة لقتال قومه أو لم ننزل جنودا من الملائكة من السماء لإهلاكهم وما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة من ملك واحد أهلكتهم جميعا .
و ( من ) في قوله ( من بعده ) مزيدة في الظرف لتأكيد اتصال المظروف بالظرف . وأصلها ( من ) الابتدائية وإضافة ( بعد ) إلى ضمير الرجل على تقدير مضاف شائع الحذف أي بعد موته كقوله تعالى ( إذا قال لبنيه ما تعبدون من ) و ( من ) في قوله ( من جند ) مؤكدة لعموم ( جند ) في سياق النفي و ( من ) في قوله ( من السماء ) ابتدائية وفي الإتيان بحرف ( من ) ثلاث مرات مع اختلاف المعنى محسن الجناس .
وفي هذا تعريض بالمشتركين من أهل مكة إذ قالوا للنبي A ( أو تأتي بالله والملائكة قبيلا ) أي تأتي بالله الذي تدعي أنه أرسلك ومعه جنده من الملائكة ليثأر لك