وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ) عطف على جملة ( اتبعوا المرسلين ) قصد إشعارهم بأنه اتبع المرسلين وخلع عبادة الأوثان وأبرز الكلام في صورة استفهام إنكاري وبصيغة : ما لي لا أفعل التي شأنها أن يوردها المتكلم في رد من أنكر عليه فعلا أو ملكه العجب من فعله أو يوردها من يقدر ذلك في قلبه ففيه إشعار بأنهم كانوا منكرين عليه الدعوة إلى تصديق الرسل الذين جاءوا بتوحيد الله فإن ذلك يقتضي أنه سبقهم بما أمرهم به .
و ( ما ) استفهامية في موضع رفع الابتداء والمجرور من قوله ( لي ) خبر عن ( ما ) الاستفهامية .
A E وجملة ( لا أعبد ) حال من الضمير . والمعنى : وما يكون لي في حال لا أعبد الذي فطرني أي لا شيء يمنعني من عبادة الذي خلقني وهذا الخبر مستعمل في التعريض بهم كأنه يقول : وما لي لا أعبد وما لكم لا تعبدون الذي فطركم بقرينة قوله ( وإليه ترجعون ) إذ جعل الإسناد إلى ضميرهم تقوية لمعنى التعرض وإنما ابتدأه بإسناد الخبر إلى نفسه لإبرازه في معرض المناصحة لنفسه وهو مريد مناصحتهم ليتلطف بهم ويدارهم فيسمعهم الحق على وجه لا يثير غضبهم ويكون أعون على قبولهم إياه حين يرون أنه لا يريد لهم إلا ما يريد لنفسه .
ثم أتبعه بإبطال عبادة الأصنام فرجع إلى طريقة التعريض بقوله ( أأتخذ من دونه آلهة ) وهي جملة مستأنفة استئنافا بيانيا لاستشعار سؤال عن وقوع الانتفاع بشفاعة تلك الآلهة عند الذي فطره والاستفهام إنكاري أي أنكر على نفسي أن أتخذ من دونه آلهة أي لا أتخذ آلهة .
والاتخاذ : افتعال من الأخذ وهو التناول والتناول يشعر بتحصيل ما لم يكن قبل فالاتخاذ مشعر بأنه صنع وذلك كم تمام التعريض بالمخاطبين أنهم جعلوا الأوثان آلهة وليست بآلهة لأن الإله الحق لا يجعل جعلا ولكنه مستحق الإلهية بالذات .
ووصف الآلهة المزعومة المفروضة الاتخاذ بجملة الشرط بقوله ( إن يردن الرحمان بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ) . والمقصود : التعريض بالمخاطبين في اتخاذهم تلك الآلهة بعلة أنها تشفع لهم عند الله وتقربهم إليه زلفى . وقد علم من انتفاء دفعهم الضر أنهم عاجزون عن جلب نفع لأن دواعي دفع الضر عن المولى أقوى وأهم ولحاق العار بالولي في عجزه عنه أشد .
وجاء بوصف ( الرحمان ) دون اسم الجلالة للوجه المتقدم آنفا عند قوله تعالى ( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمان من شيء ) .
والإنقاذ : التخليص من غلب أو كرب أو حيرة أي لا تنفعني شفاعتهم عند الله الذي أرادني بضر ولا ينقذونني من الضر إذا أصابني .
وإذ قد نفي عن شفاعتهم النفع للمشفوع فيه فقد نفي عنهم أن يشفعوا بطريق الالتزام لأن من يعلم أنه لا يشفع لا يشفع فكأنه قال : أتخذ من دونه آلهة لا شفاعة لهم عند الله لإبطال اعتقادهم أنهم شفعاء مقبولو الشفاعة . وإذ كانت شفاعتهم لا تنفع لعجزهم وعدم مساواتهم لله الذي يضر وينفع في صفات الإلهية كان انتفاء أن ينقذوا أولى . وإنما ذكر العدول عن دلالة الفحوى على دلالة المنطوق لأن المقام مقام تصريح لتعلقه بالإيمان وهو أساس الصلاح .
وجملة ( إني إذن لفي ضلال مبين ) جواب للاستفهام الإنكاري . فحرف ( إذن ) جزاء للمنفي لا للنفي أي إن اتخذت من دون الله آلهة أكن في ضلال مبين .
وجملة ( إني آمنت بربكم فاسمعون ) واقعة موقع الغاية من الخطاب والنتيجة من الدليل . وهذا إعلان لإيمانه وتسجيل عليهم بأن الله هو ربهم لا تلك الأصنام .
وأكد الإعلان بتفريع ( فاسمعون ) استدعاء لتحقيق أسماعهم أن كانوا في غفلة .
( قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون [ 26 ] بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين [ 27 ] ) استئناف بياني لما ينتظره سامع القصة من معرفة ما لقيه من قومه بعد أن واجههم بذلك الخطاب الجزل . وهل اهتدوا بهديه أو أعرضوا عنه وتاركوه أو آذوه كما يؤذي أمثاله من الداعين إلى الحق المخالفين هوى الدهماء فيجاب بما دل عليه قوله ( قيل ادخل الجنة ) وهو الأهم عند المسلمين وهم من المقصودين بمعرفة مثل هذا ليزدادوا يقينا وثباتا في إيمانهم وأما المشركون فحظهم من المثل ما تقدم وما يأتي من قوله ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون )