وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبهذا يظهر وجه تقديم ( من أقصى المدينة ) على ( رجل ) للاهتمام بالثناء على أهل أقصى المدينة . وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لا يوجد في الوسط وأن الإيمان يسبق إليه الضعفاء لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترفق وعظمة إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة قال أبو تمام : .
كانت هي الوسط المحمي فاتصلت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا وأما قوله تعالى في سورة القصص ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ) . فجاء النظم على الترتيب الأصلي إذ لا داعي إلى التقديم إذ كان ذلك الرجل ناصحا ولم يكن داعيا للإيمان .
A E وعلى هذا فهذا الرجل غير مذكور في سفر أعمال الرسل وهو مما امتاز القرآن بالإعلام به . وعن ابن عباس وأصحابه وجد أن اسمه حبيب بن مره قيل كان نجارا وقيل غير ذلك فلما أشرف الرسل على المدينة رآهم ورأى معجزة لهم أو كرامة فآمن . وقيل : كلن مؤمنا من قبل ولا يبعد أن يكون هذا الرجل الذي وصفه المفسرون بالنجار أنه هو ( سمعان ) الذي يدعى ( بالنيجر ) المذكور في الإصحاح الحادي عشر من سفر أعمال الرسل وأن وصف النجار محرف عن ( نيجر ) فقد جاء في الأسماء التي جرت في كلام المفسرين عن ابن عباس اسم شمعون الصفا أو سمعان . وليس هذا الاسم موجودا في كتاب أعمال الرسل . ووصف الرجل بالسعي يفيد أنه جاء مسرعا وأنه بلغه هم أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم فأراد أن ينصحهم خشية عليهم وعلى الرسل وهذا ثناء على هذا الرجل يفسد أنه ممن يقتدى به في الإسراع إلى تغير المنكر .
وجملة ( قال يا قوم ) بدل اشتمال من جملة ( جاء رجل ) لأن مجيئه لما كان لهذا الغرض كان مما اشتمل عليه المجيء المذكور .
وافتتاح خطابه إياهم بندائهم بوصف القومية له قصد منه أن في كلامه الإيماء إلى أن ما سيخاطبهم به هو محض نصيحة لأنه يحب لقومه ما يحب لنفسه .
والاتباع : الامتثال استعير له الاتباع تشبيها للآخذ برأي غيره بالمتبع له في سيره .
والتعريف في ( المرسلين ) للعهد .
وجملة ( اتبعوا من لا يسألكم أجرا ) مؤكدة لجملة ( أتبعوا المرسلين ) مع زيادة الإيماء إلى علة اتباعهم بلوائح علامات الصدق والنصح على رسالتهم إذ هم يدعون إلى هدى ولا نفع ينجر لهم من ذلك فتمحضت دعوتهم لقصد هداية المرسل إليهم وهذه كلمة حكمة جامعة أي اتبعوا من لا تخسرون معهم شيئا من ديناكم وتربحون صحة دينكم .
وإنما قدم في الصلة عدم سؤال الأجر على الاهتداء لأن القوم كانوا في شك من صدق المرسلين وكان من دواعي تكذيبهم اتهامهم بأنهم يجرون لأنفسهم نفعا من ذلك لأن القوم لما غلب عليهم التعلق بحب المال وصاروا بعداء عن إدراك المقاصد السامية كانوا يعدون كل سعي يلوح على امرئ إنما يسعى به إلى نفعه . فقدم ما يزيل عنهم هذه الاسترابة ولتيهيوا إلى التأمل فيما يدعونهم إليه ولأن هذا من قبيل التخلية بالنسبة للمرسلين والمرسل إليهم والتخلية تقدم على التحلية فكانت جملة ( لا يسألكم أجرا ) أهم في صلة الموصول .
والأجر يصدق بكل نفع دنيوي يحصل لأحد من عمله فيشمل المال والجاه والرئاسة . فلما نفي عنهم أن يسألوا أجرا فقد نفي عنهم أن يكونوا يرمون من دعوتهم إلى نفع دنيوي يحصل لهم .
وبعد ذلك تهيأ الموقع لجملة ( وهم مهتدون ) أي وهم متصفون بالاهتداء إلى ما يأتي بالسعادة الأبدية وهم إنما يدعونكم إلى أن تسيروا سيرتهم فإذا كانوا هم مهتدين فإن ما يدعونكم إليه من الاقتداء بهم دعوة إلى الهدى فتضمنت هذه الجملة بموقعها بعد التي قبلها ثناء على المرسلين وعلى ما يدعون إليه وترغيبا في متابعتهم .
واعلم أن هذه الآية قد مثل بها القزويني في الإيضاح والتلخيص للإطناب المسمى بالإيغال وهو أن يؤتي بعد تمام المعنى المقصود بكلام آخر يتم المعنى بدونه لنكتة وقد تبين لك مما فسرنا به أن قوله ( وهم مهتدون ) لم يكن مجرد زيادة بل كان لتوقف الموعظة عليها وكان قوله ( من لا يسألكم أجرا ) كالتوطئة له . ونعتذر لصاحب التلخيص بأن المثال يكفي فيه الفرض والتقدير .
وجاءت الجملة الأولى من الصلة فعلية منفية لأن المقصود نفي أن يحدث منهم سؤال أجر فضلا عن دوامه وثباته وجاءت الجملة الثانية اسمية لإفادة إثبات اهتدائهم ودوامه بحيث لا يخشى من يتبعهم أن يكون في وقت من الأوقات غير مهتد