وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والقوم الموصوفون بأنهم لم تنذر آباؤهم : إما العرب العدنانيون فإنهم مضت قرون لم يأتهم فيها نذير ومضى آباؤهم لم يسمعوا نذيرا وإنما يبتدأ عد آبائهم من جدهم الأعلى في عمود نسبهم الذين تميزوا به جدما وهو عدنان لأنه جذم العرب المستعربة أو أريد أهل مكة . وإنما باشر النبي A في ابتداء بعثته دعوة أهل مكة وما حولها فكانوا هم الذين أراد الله أن يتلقوا الدين وأن تتأصل منهم جامعة الإسلام ثم كانوا هم حملة الشريعة وأعون الرسول A في تبليغ دعوته وتأييده . فانضم إليهم أهل يثرب وهم قحطانيون فكانوا أنصارا ثم تتابع إيمان قبائل العرب .
A E وفرع عليه قوله ( فهم غافلون ) أي فتسبب على عدم إنذار آبائهم أنهم متصفون بالغفلة وصفا ثابتا أي فهم غافلون عما تأتي به الرسل والشرائع فهم في جهالة وغواية إذ تراكمت الضلالات فيهم عاما فعاما وجيلا فجيلا .
فهذه الحالة تشمل جميع من دعاهم النبي A سواء من آمن بعد ومن لم يؤمن .
والغفلة : صريحها الذهول عن شيء وعدم تذكره وهي هنا كناية عن الإهمال والإعراض عما يحق التنبيه إليه كقول النابغة : .
يقول أناس يجهلون خليقتي ... لعل زيادا لا أباك غافل ( لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون [ 7 ] ) هذا تفصيل لحال القوم الذين أرسل محمد A لينذرهم فهم قسمان : قسم لم تنفع فيه النذارة وقسم اتبعوا الذكر وخافوا الله فانتفعوا بالنذارة . وبين أن أكثر القوم حقت عليهم كلمة العذاب أي علم الله أنهم لا يؤمنون بما جبل عليه عقولهم من النفور عن الخير فحقق في علمه وكتب أنهم لا يؤمنون فالفاء لتفريع انتفاء إيمان أكثرهم على القول الذي حق على أكثرهم .
وحق : بمعنى ثبت ووقع فلا يقبل نقضا . والقول : مصد أريد به ما أراده الله تعالى بهم فهو قول من قبيل الكلام النفسي أو مما أوحى الله به إلى رسله .
والتعريف في ( القول ) تعريف الجنس والمقول محذوف لدلالة تفريعه عليه .
والتقدير : لقد حق القول أي القول النفسي وهو المكتوب في علمه تعالى أنهم لا يؤمنون .
( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون [ 8 ] ) هذه الجملة بدل اشتمال من جملة ( لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون ) فإن انتفاء إيمانهم يشتمل على ما تضمنته هذه الآية من جعل أغلال في أعناقهم حقيقة أو تمثيلا .
والجعل : تكوين الشيء أي جعلنا حالهم كحال من في أعناقهم أغلال فهي إلى الأذقان فهم مقمحون فيجوز أن يكون تمثيلا بأن شبهت حالة إعراضهم عن التدبر في القرآن ودعوة الإسلام والتأمل في حججه الواضحة بحال قوم جعلت في أعناقهم أغلال غليظة ترتفع إلى أذقانهم فيكونون كالمقمحين أي الرافعين رؤوسهم الغاضين أبصارهم لا يلتفتون يمينا ولا شمالا فلا ينظرون إلى شيء مما حولهم فتكون تمثيلية .
وذكر ( فهي إلى الأذقان ) لتحقيق كون الأغلال ملزوزة إلى عظام الأذقان بحث إذا أراد المغلول منهم الالتفات أو أن يطاطئ رأسه وجعه ذقنه فلازم السكون وهذه حالة تخييل هذه الأغلال وليس كل الأغلال مثل هذه الحالة .
وهذا التمثيل قابل لتوزيع أجزاء المركب التمثيلي إلى تشبيه كل جزء من الحالين بجزء من الحالة الأخرى بأن يشبه ما في نفوسهم من النفور عن الخير بالأغلال ويشبه إعراضهم عن التأمل والإنصاف بالإقماح .
فالفاء في قوله ( فهي إلى الأذقان ) عطف على جملة ( جعلنا في أعناقهم أغلالا ) أي جعلنا أغلالا أي فأبلغنا إلى الأذقان .
والجعل : هنا حقيقة وهو ما خلق في نفوسهم من خلق التكبر والمكابرة .
والأغلال : جمع غل بضم الغين وهو حلقة عريضة من حديد كالقلادة ذات أضلاع من إحدى جهاتها وطرفين يقابلان أضلاعهما فيهما أثقاب متوازية تشد الحلقة من طرفيها على رقبة المغلول بعمود من حديد له رأس كالكرة الصغيرة يسقط ذلك العمود في الأثقاب فإذا انتهى إلى رأسه الذي كالكرة استقر ليمنع الغل من الانحلال والتفلت وتقدم عند قوله تعالى ( وأولئك الأغلال في أعناقهم ) في سورة الرعد .
والفاء في قوله ( فهم مقحمون ) تفريع على جملة ( فهي إلى الأذقان )