وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذكر الزمخشري وابن عطية : أن من المفسرين من فسر ( أسروا ) هنا بمعنى أظهروا وزعم أن ( أسر ) مشترك بين ضدين . فأما الزمخشري فسلمه ولم يتعقبه وقد فس الزوزني الإسرار بالمعنيين في قول امرئ القيس : .
تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا ... علي حراصا لو يسرون مقتلي وأما ابن عطية فأنكره وقال : " ولم ثبت قط في اللغة أن ( أسر ) من الأضداد " . قلت : وفيه نظر . وقد هذه الكلمة في الأضداد كثير من أهل اللغة وأنشد أبو عبيدة قول الفرزدق : .
ولما رأى الحجاج جرد سيفه ... أسر الحروري الذي كان أضمرا A E وفي كتاب الأضداد لأبي الطيب الحلبي : قال أبو حاتم : ولا أثق بقول أبي عبيدة في القرآن ولا في قول الفرزدق والفرزدق كثير التخليط في شعره . وذكر أبو الطيب عن التوزي أن غير أبي عبيدة أنشد بيت الفرزدق والذي جر على تفسير ( أسروا ) بمعنى أظهروا هنا هو ما يقتضي إعلانهم بالندامة من قولهم ( لولا أنتم لكنا مؤمنين ) . وفي آيات أخرى مثل قوله تعالى ( ويوم يعض الظالم على يده يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) الآية .
والندامة : التحسر من عمل فات تداركه . وقد تقدمت عند قوله تعالى ( فأصبح من النادمين ) في سورة العقود .
( وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون [ 33 ] ) عطف على جملة ( إذ الظالمون موقفون ) . والتقدير : ولو ترى إذ جعلنا الأغلال في رقبة المأسور ونحوه ويشد إليها بسلسلة أو سير من جلد أو حبل وتقدم في أول سورة الرعد . وجعل الأغلال في الأعناق شعار على إنهم يساقون إلى ما يحاولون الفرار والانفلات منه . وتقدم عند قوله تعالى ( وأولئك الأغلال في أعناقهم ) في الرعد . و ( الذين كفروا ) هم هؤلاء الذين جرت عليهم الضمائر المتقدمة فالإتيان بالاسم الظاهر وكونه موصولا للإيماء إلى أن ذلك جزاء الكفر ولذلك عقب بجملة ( هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) مستأنفة استئنافا بيانيا كأن سائلا استعظم هذا العذاب وهو تعريض بهم .
والاستفهام ب ( هل ) مستعمل في الإنكار باعتبار ما يعقبه من الاستثناء فتقدير المعنى : هو جزوا بغير ما كانوا يعملون والاستثناء مفرغ .
و ( ما كانوا يعملون ) هو المفعول الثاني لفعل ( يجزون ) لأن ( جزى ) يتعدى إلى مفعول ثان بنفسه لأنه من باب أعطى كما يتعدى إليه بالباب على تضمينه معنى : عوضه .
وجعل جزاؤهم م كانوا يعملون على معنى التشبيه البليغ أي مثل ما كانوا يعملون وهذه المماثلة كناية عن المعادلة فيما يجاوزونه بمساواة الجزاء للأعمال التي جوزا عليها حتى كأنه نفسها كقوله تعالى ( جزاءا وفاقا ) .
وأعلم أن كونه مماثلا في المقدار أمر لا يعلمه إلا مقدر الحقائق والنيات وأما كونه ( وفاقا ) في النوع فلأن وضع لأغلال في الأعناق منع من حرية التصرف في أنفسهم لأصنامهم كما قال تعالى ( أتعبدون ما تنحتون ) . وما تقبلوه من استعباد زعمائهم وكبرائهم إياهم قال تعالى ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) .
ومن غرر المسائل أن الشيخ ابن عرفة لما كان عرض عليه في درس التفسير عند قوله تعالى ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل ) فسأله بعض الحاضرين : هل يستقيم أن نأخذ من هذه الآية ما يؤيد فعل الأمراء أصلحهم الله من الإتيان بالمحاربين ونحوهم مغلولين من أعناقهم مع قول مالك C بجواز القياس في العقوبات على فعل الله تعالى ( في حدث الفاحشة ) فأجابه الشيخ بأن لا دلالة فيها لأن مالكا إنما أجاز القياس على فعل الله في الدنيا وهذا من تصرفات الله في الآخر فلا بد لجوازه من دليل .
( وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون [ 34 ] )