وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ) لم تجر حكاية هذا القول على طريقة حكاية المقاولات التي تحكي بدون عطف على حسن الاستعمال في حكاية المقاولات كما استقريناه من استعمال الكتاب المجيد وقدمناه في قوله ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) الآية فجيء بحرف العطف في حكاية هذه المقالة مع أن المستضعفين جاوبوا بها قول الذين استكبروا ( أنحن صددناكم ) الآية لنكتة دقيقة وهي التنبيه على أن مقالة المستضعفين هذه هي في المعنى تكملة لمقالتهم تلقفها الذين استكبروا فابتدروها بالجواب للوجه الذي ذكرناه هنالك بحيث لو انتظروا تمام كلامهم وأبلغوهم ريقهم لحصل ما فيه إبطال كلامهم ولمنهم قاطعوا كلامهم من فرط الجزع أن يؤاخذوا بما يقوله المستضعفون .
A E وحكي قولهم هذا بفعل المضي لمزاوجة كلام الذين استكبروا لأن قول الذين استضعفوا هذا بعد أن كان تكملة لقولهم الذي قاطعه المستكبرون انقلب جوابا عن تبرؤ المستكبرين من أن يكونوا صدوا المستضعفين عن الهدى فصار لقول المستضعفين موقعان يقتضي أحد الموقعين عطفه بالواو ويقتضي الموقع الآخر قرنه بحرف ( بل ) وبزيادة ( مكر الليل والنهار ) . وأصل الكلام : يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين إذ تؤمروننا بالليل والنهار أن نكفر بالله وأن نكفر بالله الخ . فلما قاطعه المستكبرون بكلامهم أقحم في كلام المستضعفين حرف ( بل ) إبطالا لقول المستكبرين ( بل كنتم مجرمين ) . وبذلك أفد تكملة الكلام السابق والجواب عن تبرؤ المستكبرين ولو لم يعطف بالواو لما أفاد إلا انه جواب عن كلام المستكبرين فقط وهذا من أبدع الإيجاز .
و ( بل ) للإضراب الإبطالي أيضا إبطالا لمقتضى القصر في قولهم ( أنحن صددناكم عن الهدى ) فإنه واقع في حيز نفي لأن الاستفهام الإنكاري له معنى النفي .
و ( مكر الليل والنهار ) من الإضافة على معنى ( في ) . وهنالك مضاف إليه ومجرور محذوفان دل عليهما السياق أي مكركم بنا .
وارتفع ( مكر ) على الابتداء . والخبر محذوف دل عليه مقابلة هذا الكلام بكلام المستكبرين إذ هو جواب عنه . فالتقدير : بل مكركم صدنا فيفيد القصر أي ما صدنا إلا مكركم وهو نقض تام لقولهم ( أنحن صددناكم عن الهدى ) وقولهم ( بل كنتم مجرمين ) .
والمكر : الاحتيال بإظهار الماكر فعل ما ليس بفاعله ليغر المحتال عليه وتقدم وفي قوله تعالى ( ومكروا ومكر الله ) في آل عمران .
وإطلاق المكر على تسويلهم لهم البقاء على الشرك باعتبار أنهم يموهون عليهم ويوهمونهم أشياء كقولهم : إنه دين آباءكم وكيف تؤمنون غضب الآلهة عليكم إذا تركتم دينكم ونحو ذلك . والاحتلال لا يقتضي أن المحتال غير مستحسن الفعل الذي يحتال لتحصيله .
والمعنى : ملازمتهم المكر ليلا ونهارا وهو كناية عن دوام الإلحاح عليهم في التمسك بالشرك . و ( إذ تأمروننا ) ظرف لما في ( مكر الليل والنهار ) من معنى ( صدنا ) أي حين تأمروننا أن نكفر بالله .
والأنداد : جمع ند وهو المماثل أي نجعل لله أمثالا في الإلهية .
وهذا تطاول من المستضعفين على مستكبريهم لما رأوا قلة غنائهم عنهم واحتقروهم حين علموا كذبهم وبهتانهم .
وقد حكي نظير ذلك في قوله تعالى ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ) الآيتين في سورة البقرة .
( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) يجوز أن يكون عطفا على جملة ( يرجع بعضهم إلى بعض القول ) فتكون حلا . ويجوز أن تعطف على جملة ( إذ الظالمون موقوفون عند ربهم ) .
وضمير الجمع عائد إلى جميع المذكورين قبل وهم الذين استضعفوا والذين استكبروا . والمعنى : أنهم كشف لهم عن العذاب المعد لهم وذلك عقب المحاورة التي جرت بينهم فعلموا أن ذلك الترامي الواقع بينهم لم يغن عن أحد من الفريقين شيئا فحينئذ أيقنوا بالخيبة وندموا على ما فات منهم في الحياة الدنيا وأسروا الندامة في أنفسهم وكأنهم أسروا الندامة استبقاء للطمع في صرف ذلك عنهم أو اتقاء للفضيحة بين أهل الموقف وقد أعلنوا بها من بعد كما في قوله تعالى ( قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها ) في سورة الأنعام وقوله ( لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) في سورة الزمر