وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن مشمولاته الضعة والضراعة ولذلك قوبل ب ( الذين استكبروا ) أي عدوا أنفسهم كبراء وهم ما عدوا أنفسهم كبراء إلا لما يقتضي استكبارهم لأنهم لو لم يكونوا كذلك لوصفوا بالغرور والإعجاب الكاذب . ولهذا عبر في جانب الذين استضعفوا بالفعل المبني للمجهول وفي جانب الذين استكبروا بالفعل المبني للمعلوم وقد تقدم في سورة هود .
و ( لولا ) حرف امتناع لوجود أي حرف يدل على امتناع جوابه " أي أنتفاءه " لأجل وجود شرطه فعلم أنها حرف شرط ولكنه اختصروا العبارة ومعنى : لأجل وجود شرطه أي حصوله في الوجود وهو حرف من الحروف الملازمة الدخول على الجملة الاسمية فيلزم إيلاؤه اسما ومبتدأ . وقد كثر حذف خبر ذلك المبتدأ في الكلام غالبا بحيث يبقى من شرطها اسم واحد وذلك اختصار لأن حرف ( لولا ) يؤذن بتعليق حصول جوابه على وجود شرطه . فلما كان الاسم بعدها في معنى شيء موجود حذفوا الخبر اختصارا . ويعلم من المقام أن التعليق في الحقيقة على حالة خاصة من الأحوال التي يكون عليها الوجود مفهومة من السياق لأنه لا يكون الوجود المجرد لشيء سببا في وجود غيره وإنما يؤخذ أخص أحواله الملازمة لوجوده . وهذا المعنى عبر عنه النحويون بالوجود المطلق وهي عبارة غير متقنة ومرادهم أعلق أحوال الوجود المطلق أي المجرد لا يصلح لأن يعلق عليه شرط .
A E وقد جاء في هذه الآية ربط التعليق بضمير ( الذين استكبروا ) فاقتضى أن جميع أحوال المستكبرين كانت تدندن حول منعهم من الإيماء فكأن وجودهم لا أثر له إلا في ذلك المنع وهو ما دل عليه قولهم فيما بعد ( بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ) من فرط إلحادهم عليهم بذلك وتكريره في معظم الأوقات فكأنه استغرق وجودهم لأن الوجود كون في أزمنة فكان قولهم هنا ( لولا أنتم ) مبالغة في شدة حرصهم على كفرهم . وهذا وجه وجيه في الاعتبار البلاغي فمقتضى الحال من هذه الآية هو حذف المشبه .
واعلم أن المراد بقولهم : مؤمنين بالمعنى اللقبي الذي اشتهر به المسلمون فكذلك لا يقدر ل ( مؤمنين ) متعلق .
( قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين [ 32 ] ) جرد فعل ( قال ) عن العاطف لأنه جاء على طريقة المجاوبة والشأن فيه حكاية القول بدون عطف كما بيناه غير مرة .
وهمزة الاستفهام مستعملة في الإنكار على قول المستضعفين تبرؤا منهم . وهذا الإنكار بهتان وإنكار للواقع بعثه فيهم خوف إلقاء التبعة عليهم وفرط الغضب والحسرة من انتقاض اتباعهم عليهم وزوال حرمتهم بينهم فلم يتمالكوا أن لا يكذبوهم ويذيلوا بتوريطهم .
وأتى بالمسند إليه قبل المسند الفعلي في سياق الاستفهام الإنكاري الذي هو في قوة النفي ليفيد تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلي على طريقة : ما أنا قلت هذا .
والمعنى : ما صددناكم ولكن صدكم شيء آخر وهو المعطوف ب ( بل ) التي للإبطال بقوله ( بل كنتم مجرمين ) أي ثبت لكم الإجرام من قبل وإجرامكم هو الذي صدكم إذ لم تكونوا على مقاربة الإيمان فنصدكم عن ولكنكم صددتهم وأعرضتم بإجرامكم ولم تقبلوا دعوة الإيمان .
وحاصل المعنى : أن حالنا وحالكم سواء كل فريق يتحمل تبعة أعماله فإن كلا الفريقين كان معرضا عن الإيمان . وهذا الاستدلال مكابرة منهم وبهتان وسفسطة فإنه كانوا يصدون الدهماء عن الدين ويختلقون لهم المعاذير . وإنما نفوا هنا أن يكونوا محولين لهم عن الإيمان بعد تقلده وليس ذلك هو المدعى .
فموقع السفسطة هو قولهم ( بعد إذ جاءكم ) لأن المجيء فيه مستعمل في معنى الاقتراب منه والمخالطة له .
و ( إذ ) في قوله ( إذ جاءكم ) مجرده عن معنى الظرفية ومحضة لكونها أسم زمان غير ظرف وهو أصل وضعها كما تقدم في قوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) في سورة البقرة ولهذا صحت إضافة ( بعد ) إليها لأن الإضافة قرينة على تجريد ( إذ ) من معنى الظرفية إلى مطلق الزمان مثل قولهم : حينئذ ويومئذ . والتقدير : بعد زمن مجيئهم إياكم . و ( بل ) إضراب إبطال عن الأمر الذي دخل عليه الاستفهام الإنكاري أي ما صددناكم بل كنتم مجرمين .
والإجرام : الشرك وهو مؤذن بتعمدهم إياه وتصميمهم عليه على بصيرة من أنفسهم دون تسويل مسول