وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجواب ( كنتم صادقين ) دل عليه السؤال أي إن كنتم صادقين فعينوا لنا ميقات هذا الوعد . وهذا كلام صادر عن جهالة لأنه لا يلزم من الصدق في الإخبار بشيء أن يكون المخبر عالما بوقت حصوله ولو في المضي فكيف به في الاستقبال .
وخولف مقتضى الظاهر في الجواب من الإتيان بضمير الوعد الواقع في كلامهم إلى الإتيان باسم ظاهر وهو ( ميعاد يوم ) لما في هذا الاسم النكرة من الإبهام الذي يوجه نفوس السامعين إلى كل وجه ممكن في محمل ذلك وهو أن يكون يوم البعث أو يوما آخر يحل فيه عذاب أئمة الكفر وزعماء المشركين وهو يوم بدر ولعل الذين قتلوا يومئذ هم أصحاب هم أصحاب مقالة ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) . وأفاد تنكير ( يوم ) تهويلا وتعظيما بقرينة المقام .
والميعاد : مصدر ميمي للوعد فإضافته إلى ظرفه بيانية . ويجوز كونه مستعملا في الزمان وإضافته إلى اليوم بيانية لأن الميعاد هو اليوم نفسه .
وجملة ( لا تستأخرون عنه ساعة ) إما صفة ل ( ميعاد ) وإما حال من ضمير ( لكم ) .
والاستئخار والاستقدام مبالغة في التأخر والتقدم مثل : استجاب فالسين والتاء للمبالغة .
وقدم الاستئخار على الاستقدام إيماء إلى أنه ميعاد بأس وعذاب عليهم من شأنه أن يتمنوا تأخره ويكون ( ولا تستقدمون ) تتميما لتحققه عند وقته المعين في علم الله .
والساعة : حصة من الزمن وتنكيرها للتقليل بمعونة المقام .
( وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ) A E كان المشركون لما فاجأتهم دعوة الإسلام وأخذ أمره في الظهور قد سلكوا طرائق مختلفة لقمع تلك الدعوة وقد كانوا قبل ظهور الإسلام لاهين عن الخوض فيما سلف من الشرائع فلما قرعت أسمائهم دعوة الإسلام اضطربت أقوالهم : فقالوا ( ما أنزل الله على بشر من شيء ) وقالوا غير ذلك فمن ذلك أنهم لجأوا إلى أهل الكتاب وهم على مقربة منهم بالمدينة وخيبر وقريظة ليتلقوا منهم ملقنات يفحمون بها النبي A فكان أهل الكتاب يملون عليهم كلما لقوهم ما عساهم أن يموهوا على الناس عدم صحة الرسالة المحمدية فمرة يقولون : ( لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) ومرة يقولون : ( لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ) وكثيرا ما كانوا يحسبون مساواته للناس في الأحوال البشرية منافية لكونه رسولا إليهم مختارا من عند الله فقالوا ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) وهم لا يحاجون بذلك عن اعتقاد بصحة رسالة موسى عليه السلام ولكنهم يجعلونه وسيلة لإبطال رسالة محمد A فلما دمغتهم حجج القرآن العديدة الناطقة بأن محمدا ما هو بدع من الرسل وأنه جاء بمثل ما جاءت به الرسل فحاجهم بقوله ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ) الآية . فلما لم يجدوا سبيلا للمكابرة في مساواة حاله بحالة الرسل الأولين وأووا إلى مأوى الشرك الصريح فلجأوا إلى إنكار رسالة الرسل كلهم حتى لا تنهض عليهم الحجة بمساواة أحوال الرسول وأحوال الرسل الأقدمين فكان من مستقر أمرهم أن قالوا ( لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ) .
وقد كان القرآن حاجهم بأنهم كفروا بما أوتي موسى من قبل كما في سورة القصص أي كفر أمثالهم من عبدة الأصنام وهم قبط مصر بما أوتي موسى وهوا من الاستدلال بقياس المساواة والتمثيل .
فهذا وجه قولهم ( ولا بالذي بين يديه ) لأنهم لم يكونوا مدعوين لا يؤمنوا بكتاب آخر غير القرآن ولكن جرى ذلك في مجاري الجدال والمناظرة فعدم إيمانهم بالقرآن مشهور معلوم وإنما أرادوا قطع وسائل الإلزام الجدلي .
وهذه الآية انتقال إلى ذكر طعن المشركين في القرآن وهي معطوفة على جملة ( ويقولون متى هذا الوعد ) .
والاقتصار على حكاية مقالتهم دون تعقيب بما يبطلها إيماء إلى أن بطلانها باد لكل من يسمعها حيث جمعت التكذيب بجميع الكتب والشرائع وهذا بهتان واضح .
وحكاية مقالتهم هذه بصيغة الماضي تؤذن بأنهم أقلعوا عنها .
وجئ بحرف ( لن ) لتأكيد نفي إيمانهم بالكتب المنزلة على التأبيد تأييسا للنبي والمسلمين من الطمع في إيمانهم به