وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقديم الحال على المجرور جائز على رأي المحققين من أهل العربية وإن أباه الزمخشري هنا وجعله بمنزلة تقديم المجرور على حرف الجر فجعل ( كافة ) نعتا لمحذوف أي إرساله كافة أي عامة . وقد رد عليه ابن مالك في التسهيل وقال : قد جوزه في هذه الآية أبو علي الفارسي وابن كيسان . وقلت : وجوزه ابن عطية والرضي . وجعل الزجاج ( كافة ) هنا حالا من الكاف في ( أرسلناك ) وفسره بمعنى جامع للناس في الإنذار والإبلاغ وتبعه أبو البقاء . قال الزمخشري : وحق التاء على هذا التفسير أن تكون للمبالغة كتاء العلامة والراوية وكذلك تقديم المستثنى للغرض أيضا .
وقد اشترك الزجاج والزمخشري هنا في إخراج ( كافة ) عن معنى الوصف بإفادة الشمول الذي هو شمول جزئي في غرض معين إلى معنى الجمع الكلي المستفاد من وراء ذلك . وهذا كمن يعمد إلى " كل " فيقول : إنك كل الناس أي جامع للناس أو يعمد إلى " على " الدالة على الاستعلاء الجزئي فيستعملها بمعنى الاستعلاء الكلي فيقول : إياك وعلى يريد إياك والاستعلاء .
والبشير النذير تقدم في قوله تعالى ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ) في البقرة .
وأفاد تركيب ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) قصر حالة عموم الرسالة على كاف الخطاب في قوله ( أرسلناك ) وهو قصر إضافي أي دون تخصيص إرسالك بأهل مكة أو بالعرب أو بمن يجيئك يطلب الإيمان والإرشاد كما قال عبد الله بن أبي بن سلول للنبي A حين جاء مجلسا هو فيه وقرأ عليهم القرآن فقال ابن أبي : " لا أحسن مما تقول أيها المرء ولكن اقعد في رحلك فمن جاء فاقرأ عليه " ويقتضي ذلك إثبات رسالته بدلالة الاقتضاء إذ لا يصدق ذلك القصر إلا إذا ثبت أصل رسالته فاقتضى ذلك الرد على المنكرين كلهم سواء من أنكر رسالته من أصلها ومن أنكر عمومها وزعم تخصيصها .
وموقع الاستدراك بقوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) رفع ما يتوهم من اغترار المغترين بكثرة عدد المنكرين رسالته بأن كثرتهم تغر المتأمل لأنهم لا يعلمون .
ومفعول ( يعلمون ) محذوف لدلالة ما قبله عليه أي لا يعلمون ما بشرت به المؤمنين وما أنذرت به الكافرين أي يحسبون البشارة والنذارة غير صادقتين .
A E ويجوز أن يكون فعل ( يعلمون ) منزل منزلة اللام مقصودا منه نفي صفة العلم عنهم على حد قوله تعالى ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) أي ولكن أكثر الناس جاهلون قدر البشارة والنذارة .
( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين [ 29 ] قل لكم ميعاد يوم لا تستئخرون عنه ساعة ولا تستقدمون [ 30 ] ) كان من أعظم ما أنكروه مما جاء به الرسول A القيامة والبعث ولذلك عقب إبطال قولهم في إنكار الرسالة بإبطال قولهم في إنكار البعث والجملة معطوفة على خبر " لكن " . والتقدير : ولكن أكثر الناس لا يعلمون حق البشارة والنذارة ويتهكمون فيسألون عن وقت هذا الوعد الذي هو مظهر البشارة والنذارة . ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة والواو للاستئناف .
وضمير ( يقولون ) عائد إلى المحاجين من المشركين الذين صدرت عنهم هذه المقالة . وصيغة المضارع في ( يقولون ) تفيد التعجيب من مقالتهم كقوله تعالى ( يجادلنا في قوم لوط ) مع إفادتها تكرر ذلك القول منهم وتجدده .
وجملة ( قل لكم ميعاد يوم ) إلى آخرها مسوقة مساق الجواب عن مقالتهم ولذلك فصلت ولم تعطف على طريقة حكاية المحاورات في القرآن وهذا الجواب جرى على طريقة الأسلوب الحكيم أي أن الأهم للعقلاء أن تتوجه هممهم إلى تحقق وقوع الوعد في الوقت الذي عينه الله له وأنه لا يؤخره شيء ولا يقدمه وحسن هذا الأسلوب أن سؤالهم إنما أرادوا به الكناية عن انتفاء وقوعه .
وفي هذا الجواب تعريض بالتهديد فكان مطابقا للمقصود من الاستفهام ولذلك زيد في الجواب كلمة " لكم " إشارة إلى أن هذا الميعاد منصرف إليهم ابتداء .
وضمير جمع المخاطب في قوله ( إن كنتم صادقين ) إما للرسول A باعتبار أن معه جماعة يخبرون بهذا الوعد وإما الخطاب موجه للمسلمين .
واسم الإشارة في هذا الوعد للاستخفاف والتحقير كقول قيس بن الخطيم : .
متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة ... لنفسي إلا قد قضيت قضاءها