وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما كان هذا القول يتضمن بيانا للقول الذي قبله فصلت جملة الأمر بالقول عن أختها إذ لا يعطف البيان على المبين بحرف النسق فإنه لما ردد أمر الفريقين بين أن يكون أحدهما هلى هدى ولآخر في ضلال وكان الضلال يأتي بالإجرام اتسع بالمحاجة فقيل لهم : إذا نحن أجرمنا فأنتم غير مؤاخذين بجرمنا وإذا عملتم عملا فنحن غير مؤاخذين به أي أن كل فريق مؤاخذ وحده بعمله فالأجدى بكلا الفريقين أن ينظر كل في أعماله وأعمال ضده ليعلم أي الفريقين أحق بالفوز والنجاة عند الله .
وأيضا فصلت لتكون هذه الجملة مستقلة بنفسها ليخصها السامع بالتأمل في مدلولها فيجوز أن تعتبر استئنافا ابتدائيا وهي مع ذلك اعتراض بين أثناء الاحتجاج .
فمعنى ( لا تسألون ولا نسأل ) أن كل فريق له خصوصيته .
والسؤال : كناية عن أثره وهو الثواب على العمل الصالح والجزاء على الإجرام بمثله كما هو في قول كعب بن زهير : .
" وقيل إنك منسوب ومسؤول أراد ومؤاخذ بما سبق منك لقوله قبله : .
" لذاك أهيب عندي إذ أكمله وإسناد الإجرام إلى جانب المتكلم ومن معه مبني على زعم المخاطبين وقال تعالى ( وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ) كان المشركون يؤنبون المؤمنين بأنهم خاطئون في تجنب عبادة أصنام قومهم .
وهذه نكتة صوغه في صيغة الماضي لأن متحقق على زعم المشركين . وصيغ ما يعمل المشركون في صيغة المضارع لأنهم ينتظرون منهم عملا تعريضا بأنهم يأتون عملا غير ما عملوه أي يؤمنون بالله بعد كفرهم .
وهذا ضرب من المشاركة والموادعة ليخلوا بأنفسهم فينظروا في أمرهم ولا يلهيهم جدال المؤمنين عن استعراض ومحاسبة أنفسهم وأسندوا العمل على إطلاقه في جانب المخاطبين لأن النظر والتدبر بعد ذلك يكشف عن كنه كلا العملين .
وليس لهذه الآية تعلق بمشاركة القتال فلا تجعل منسوخة بآيات القتال .
( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم [ 26 ] ) إعادة فعل ( قل ) لما عرفت في الجملة التي قبلها من زيادة الاهتمام بهذه المحاجات لتكون كل مجادلة مستقلة غير غير معطوفة فتكون هذه الجملة استئنافا ابتدائيا .
A E وأيضا فهي بمنزلة البيان للتي قبلها لأن نفي سؤال كل فريق عن عمل غيره يقتضي أن هنالك سؤالا عن عمل نفسه فبين بأن الذي يسأل الناس عن أعمالهم هو الله تعالى وأنه الذي يفصل بين الفريقين بالحق حين يجمعهم يوم القيامة الذي هم منكروه فما ظنك بحالهم يوم تحقق ما أنكروه .
وهنا تدرج الجدل من الإيماء إلى الإشارة القريبة من التصريح لما في إثبات يوم الحساب والسؤال من المصارحة بأنه الضالون . ويسمى هذا التدرج عند أهل الجدل بالترقي .
والفتح الحكم والفصل بالحق كقوله تعالى ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ) وهو مأخوذ من فتح الكوة لإظهار ما خلفها .
وجملة ( وهو الفتاح العليم ) تذييل بوصفه تعالى بكثرة الحكم وقوته ولإحاطة العلم وبذلك كان تذيلا لجملة ( يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق ) المتضمنة حكما جزئيا فذيل بوصف كلي وإنما اتبع ( الفتاح ) ب ( العليم ) للدلالة على أن حكمه عدل محض لأنه عليم لا تحف بحكمه أسباب الخطأ والجور الناشئة عن الجهل والعجز واتباع الضعف النفساني الناشئ عن الجهل بالأحوال والعواقب .
( قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم [ 27 ] ) أعيد الأمر بالقول رابع مرة لمزيد الاهتمام وهو رجوع إلى مهيع الاحتجاج على بطلان الشرك فهو كالنتيجة لجملة ( قل من يرزقكم من السماوات ولأرض ) .
والأمر في قوله ( أروني ) مستعمل في التعجيز وهو تعجيز للمشركين عن إبداء حجة لإشراكهم وهو انتقال من الاحتجاج على بطلان إلهية الأصنام بدليل النظير في قوله ( قل من يرزقكم ) إلى إبطال ذلك بدليل البداهة وقد سلك من طرق الجدل أن يكون الاستفسار والمصطلح عليه عند أهل الجل أن يكونه الاستفسار مقدما على طرائق المناظرة وإنما أخر هنا لأن كان مفضيا إلى إبطال دعوى الخصم بحذافرها فأريد تأخيره لئلا يفوت افتضاح الخصم بالأدلة السابقة تبسيطا لبساط المجادلة حتى يكون كل دليل مناديا على غلط الخصوم وباطلهم . وافتضاح الخطأ من مقاصد المناظر الذي قامت حجته