وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وليس تخريج البخاري والترمذي هذا الحديث في الكلام على تفسير سورة سبأ مرادا به أنه وارد في ذلك وإنما يريد أن من صور معناه ما ذكر في سورة سبأ . وهذا يغنيك عن الالتجاء إلى تكلفات تعسفوها في تفسير هذه الآية وتعلقها بما قبلها .
( قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنا أو إياكم لعلى هدى في ضلال مبين [ 24 ] ) انتقال من دمغ المشركين بضعف آلهتهم وانتفاء جدواها عليهم في الدنيا والآخرة إلى إلزامهم بطلان عبادتها بأنها لا تستحق العبادة لأن مستحق العبادة هو الذي يرزق عبادة فإن العبادة شكر ولا يستحق الشكر إلا المنعم وهذا احتجاج بالدليل النظري بأن الله هو الرزاق يستلزم انفراده بإلهيته إذ لا يجوز أن ينفرد ببعض صفات الإلهية ويشارك في بعض آخر فإن الإلهية حقيقة لا تقبل التجزئة والتبعيض .
وأعيد الأمر بالقول لزيادة الاهتمام بالمقول فإن أصل الأمر بالقول في مقام التصدي للتبليغ دال على الاهتمام وإعادة ذلك الأمر زيادة في الاهتمام .
و ( من ) استفهام للتنبيه على الخطأ ولذلك أعقب بالجواب من طرف السائل بقوله ( قل الله ) لتحقق أنهم لا ينكرون ذلك الجواب كما في قوله تعالى ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ) إلى قوله ( فسيقولون الله ) في سورة يونس . وتقدم نظير صدر الآية في سورة العد .
وعطف على الاستفهام إبراز المقصد بطريقة خفية توقع الخصم في شرك المغلوبية وذلك بترديد حالتي الفريقين بين حالة هدى وحالة ضلال لأن حالة كل فريق لما كانت على الضد من حال الفريق الآخر بين موافقة الحق وعدمها تعين أن أمر الضلال والهدى دائر بين الحالتين لا يعدونهما . ولذلك جيء بحرف ( أو ) المفيد للترديد المنتزع من الشك .
وهذا اللون من الكلام يسمى الكلام المنصف وهو أن لا يترك المجادل لخصمه موجب تغيظ واحتداد في الجدال ويسمى في علم المناظرة إرخاء العنان للمناظر ومع ذلك فقرينة إلزامهم الحجة قرينة واضحة .
ومن لطائفه هنا أن أشتمل على إيماء إلى ترجيح أحد الجانبين في أحد الاحتمالين بطريق مقابلة الجانبين في ترتيب الحالتين باللف والنشر المرتب وهو أصل اللف .
A E فأنه ذكر ضمير جانب المتكلم وجماعته وجانب المخاطبين ثم ذكر حال الهدى وحال الضلال على ترتيب ذكر الجانبين فأومأ إلى أن الأولين موجهون إلى الهدى ولآخرين موجهون إلى الضلال المبين لا سيما بعد قرينة الاستفهام وهذا أيضا من التعريض وهو أوقع من التصريح لا سيما في استنزال طائر الخصم .
وفيه أيضا تجاهل العارف فقد التأم في هذه الجملة ثلاثة محسنات من البديع ونكتة من البيان فاشتملت على أربع خصوصيات .
وجيء في جانب أصحاب الهدى بحرف الاستعلاء المستعار للتمكن تكثيلا لحال المهتدي بحال متصرف في فرسه يركضه حيث شاء متمكن من شيء بلغ به مقصده . وهي حالة مماثلة لحال المهتدي على بصيرة فهو يسترجع مناهج الحق في كل صوب . متسع النظر منشرح الصدر : ففيه تمثيلية مكنية وتبعية .
وجيء في جانب الضالين بحرف الظرفية المستعار لشدة التلبيس بالوصف تمثيلا لحالهم في إحاطة الضلال بهم بحال الشيء في ظرف محيط به لا يتركه يفارقه ولا يتطلع منه على خلاف ما هو فيه من ضيق يلازمه . وفيه أيضا تمثيلية تبعية وهذا ينظر إلى قوله تعالى ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ) .
فحصا في لآية أربع استعارات وثلاثة محسنات من البديع وأسلوب بياني وحجة قائمة وهذا إعجاز بديع .
ووصف الضلال بالمبين دون وصف الهدى بالمبين لأن حقيقة الهدى مقول عليها بالتواطئ وهو معنى قول أصحابنا الأشاعرة : الإيمان لا يزيد ولا ينقص في ذاته وإنما زيادته بكثرة الطاعات وأما الكفر فيكون بإنكار بعض المعتقدات وبإنكار جميعها وكل ذلك يصدق عليه الكفر . ولذلك قيل كفر دون كفر : فوصف كفرهم بأنه أشد الكفر فإن المبين هو الواضح في جنسه البالغ غاية حده .
( قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون [ 25 ] ) أعيد الأمر بأن يقول لهم مقالا آخر إعادة لزيادة الاهتمام كما تقد آنفا واستدعاء لأسماء المخاطبين بالإصغاء إليه