وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

" ولا حلفي على البراءة نافع ومنه قوله تعالى ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) ويجيء بمعنى المساعد الملائم وهو ضد الضار وهو أكثر إطلاقه . ومنه : دواء نافع ونفعني فلان . فالنفع بالمعنى الأول في الآية يفيد القبول من الشافع لشفاعته وبالمعنى الثاني يفيد انتفاع المشروع له بالشفاعة أي أصول النفع له بانقشاع ضر المؤاخذة بذنب كقوله تعالى ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين ) . فلما عبر في هذه الآية بلفظ الشفاعة الصالح لأن يعتبر مضافا إلى الفاعل أو إلى المفعول أحتمل النفع أن يكون نفع الفاعل أي قبول شفاعته ونفع المفعول أي قبول شفاعة من شفع فيه .
وتعدية فعل الشفاعة باللام دون ( في ) ودون تعديته بنفسه زاد صلوحيته للمعنيين لأن الشفاعة تقتضي شافعا ومشفوعا فيه فكان بذلك أوفر معنى .
فالاستثناء في قوله ( إلا لمن أذن له ) استثناء من جنس الشفاعة المنفي بقرينة وجود اللام وليس استثناء متعلق ( تنفع ) لأن الفعل لا يعدى إلى مفعوله باللام إلا إذا تأخر الفعل عنه فضعف عن العمل بسبب التأخير فلذلك احتملت اللام أن تكون داخلة على الشافع وأن ( من ) المجرورة باللام صادقة على الشافع أي لا تقبل شفاعة إلا شفاعة كائنة لمن أذن الله له أي أذن له بأن يشفع فاللام للملك فقولك : الكرم لزيد أي هو كريم فيكون في معنى قوله ( مالكم من دونه من ولي ولا شفيع ) . وأن تكون اللام داخلة على المشفوع فيه و ( من ) صادقة على مشفوع فيه أي إلا شفاعة لمشفوع أذن الله الشافعين أن يشفعوا له أي لأجله فاللام للعلة كقولك : قمت لزيد فهو كقوله تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن أرتضى ) .
وإنما جيء بنظم هذه الآية على غير ما نظمت عليه غيرها لأن المقصود هنا إبطال رجاؤهم أن تشفع لهم آلهتهم عند الله فينتفعوا بشفاعتها لأن أول الآية توبيخ وتعجيز لهم في دعوتهم الآلهة المزعومة فاقتضت إبطال الدعوة والمدعو .
A E وقد جمعة الآية نفي جميع أصناف التصرف عن آلهة المشركين كما جمعت نفي أصناف الآلهة المعبودة عند العرب لأن من العرب صابئة يعبدون الكواكب وهي في زعمهم مستقرة في السماوات تدبر أمور أهل الأرض فابطل هذا الزعم قوله ( لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ) فأما في السماوات فباعترافهم أن الكواكب لا تتصرف في السماوات وإنما تصرفهم في الأرض وأما في الأرض فبقوله ( ولا في الأرض ) . ومن العرب عبدة أصنام يزعمون أن الأصنام شركاء لله في الإلهيه فنفي ذلك بقوله ( وما لهم فيهما من شرك وما له منه من ظهير ) ومنهم من يزعم أن الأصنام جعلها الله شفعاء لأهل الأرض فنفي ذلك بقوله ( ولا تنفع الشفاعة عنده ) الآية .
وقرأ الجمهور ( أذن ) بفتح الهمزة وفيه ضمير يعود إلى أسم الجلالة مثل ضمائر الغيبة التي قبله . وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي وخلف بضم الهمزة على البناء للنائب . والمجرور من قوله ( له ) في موضع نائب الفاعل .
وقوله ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) ( حتى ) ابتدائية وهي تفيد ارتباط ما بعدها بما قبلها لا محالة فالضمائر التي في الجملة الواقعة بعد ( حتى ) عائدة على ما يصلح لها في الجمل التي قبلها . وقد أفادت ( حتى ) الغاية بأصل وضعها وهي هنا غاية لما أفهمه قوله ( إلا لمن أذن له ) من أن هنالك إذنا يصدر من جانب القدس يأذن الله به ناسا من الأخيار بأن يشفعوا كما جاء تفصيل بعض هذه الشفاعة في الأحاديث الصحيحة وأن الذين يرجون أن يشفع فيهم ينتظرون ممن هو أهل لأن يشفع وهم في فزع من الإشفاق أن لا يؤذن بالشفاعة فيهم فإذا أذن الله لمن شاء أن يشفع زال الفزع عن قلوبهم واستبشروا إذ أنه فزع عن قلوب الذين قبله الشفاعة فيهم أي وأيس المحرمون من قبول الشفاعة فيهم . وهذا من الحذف المسمى بالاكتفاء اكتفاء بذكر الشيء عن ذكره نظيره أو ضد وحسنه هنا أنه اقتصار على ما يسر المؤمنين الذين لم يتخذوا من دون الله أولياء .
وقد طويت جمل من وراء ( حتى ) والتقدير : إلا لمن أذن له ويومئذ يبقى الناس مرتقبين الأذن لمن يشفع فزعين من أن لا يؤذن لأحد زمنا ينتهي بوقت زوال الفزع عن قلوبهم حين يؤذن للشافعين بأن يشفعوا وهو إيجاز حذف .
و ( إذا ) ظرف للمستقبل وهو مضاف إلى جملة ( فزع عن قلوبهم ) متعلق ب ( قالوا ) .
و ( فزع ) قرأه الجمهور بضم الفاء وكسر الزاي مشددة وهو مضاعف فزع