وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيها من شرك وما له منهم من ظهير [ 22 ] ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير [ 23 ] ) كانت قصة سبأ قد ضربت مثلا وعبرة للمشركين من قريش وكان في أحوالهم مثيل لأحوال المشركين في أمن بلادهم وتيسير أرزاقهم وتأمين سبلهم في أسفارهم مما أشار إليه قوله تعالى ( أو لم نمكن لهم حرما آمنا تجبى إليه ثمرات كل شيء ) وقوله ( للإيلاف قريش ) إلى أخر السورة ثم فيما قابلوا به نعمة الله بالشراك به وكفران نعمته وإفحامهم دعاة الخير الملهمين من لدنه إلى دعوتهم فلما تقضى خبرهم لينتقل منه إلى تطبيق العبرة على من قصد اعتبارهم انتقالا مناسبته بينة وهو أيضا عود إلى إبطال أقوال المشركين وسيق لهم من الكلام ما هو فيه توقيف على أخطائهم وأيضا فلما جرى من استهواء الشيطان أهل سبا فاتبعوه وكان الشيطان مصدر الضلال وعنصر الإشراك أعقب ذكره بذكر فروعه وأولياءه .
وافتتح الكلام بأمر النبي A بأن يقول لهم ما هو متتابع في بقية هذه الآيات المتتابعة بكلمة ( قل ) فأمر بالقول تجديدا لمعنى التبليغ الذي هو مهمة كل القرآن .
والأمر في قوله ( ادعوا ) مستعمل في التخطئة والتوبيخ أي استمروا على دعائكم .
و ( الذين زعمتم من دون الله ) معناه زعمتموهم أربابا فحذف مفعولا الزعم : أما الأول فحذف لأنه ضمير متصل منصوب بفعل قصدا لتخفيف الصلة بمتعلقاتها وأما الثاني فحذفه لدلالة صفته عليه وهي ( من دون الله ) .
و ( من دون الله ) صفة لمحذوف تقديره : زعمتم أولياء .
ومعنى ( من دون الله ) أنهم مبتدءون من جانب غير جانب الله أي زعمتموهم آلهة مبتدئين إياهم من ناحية غير الله لأنهم حين يعبدونهم قد شغلوا بعبادتهم ففرطوا في عبادة الله المستحق للعبادة وتجاوزوا حق إلهيته في أحوال كثيرة وأوقات وفيرة .
وجملة ( لا يملكون ) مبينه لما في جملة ( ادعوا الذين زعمتم ) من التخطئة ) وقد نفي عنهم ملك أحقر الأشياء وهو ما يساوي ذرة من السماء والأرض .
A E والذرة : بيضة النمل التي تبدوا حبيبة صغيرة بيضاء وتقدم عند قوله تعالى ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ) في سورة يونس . والمراد بالسماوات ولأرض جوهرها وعينهما ل ما تشملان عليه من المجودات لأن جوهرهما لا يدعي المشركون فيه ملكا لآلهتهم فالمثقال : إما آلة الثقل فهو اسم للصنوج التي يوزن بها فأطلق على العديل مجازا مرسلا وإما مصدر ميمي سمي به الشيء الذي به التثقيل ثم أطلق على العديل مجازا وتقدم المثقال عند قوله ( ون كان مثقال حبة من خردل ) في سورة الأنبياء .
ومثقال الذرة : ما يعدل الذرة فيثقل به الميزان أي لا يملكون شيئا من السماوات ولا في الأرض . وإعادة حرف النفي تأكيد له للاهتمام به .
وقد نفي أن يكون لآلهتهم ملك مستقل وأتبع بنفي أن يكون لهم الشرك في شيء من السماء والأرض أي شرك مع الله كما هو السياق فلم يذكر متعلق الشرك إيجازا لأنه محل الوفاق .
ثم نفى أن يكون منهم ظهير أي معين لله تعالى . وتقدم الظهير في قوله تعالى ( ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) في سورة الإسراء . وهنا تعين التصريح المتعلق ردا على المشركين إذ زعموا أن آلهتهم تقرب إليه وتبعد عنه ثم أتبع ذلك بنفي أن يكون شفيع عند الله يضطره إلى قبول الشفاعة فيمن يشفع له لتعظيم أو حياء . وقد صرح بالمتعلق هنا أيضا ردا على قول المشركين ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) فنفيت شفاعتهم في عموم نفي كل شفاعة نافعة عند الله إلا شفاعة من أذن الله أن يشفع . وفي هذا إبطال شفاعة أصنامهم لأنهم زعموا لهم شفاعة لازمة من صفات آلهتهم لأن أوصاف الإله يجب أن تكون ذاتية فلما نفى الله كل شفاعة لم يأذن فيها للشافع انتفت الشفاعة المزعومة لأصنامهم . وبهذا يندفع ما يتوهم من أن قوله ( إلا لمن أذن له ) لا يبطل شفاعة الأصنام فأفهم .
وجاء نظم قوله ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) نظما بديعا من وفرة المعنى فإن النفع يجيء بمعنى حصول المقصود من العمل ونجاحه كقول النابغة :