وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالصبار يعتبر من تلك الأحوال فيعلم أن الصبر علك المكاره خير من الجزع ويرتكب أخف الضرين ولا يستخفه الجزع فيلقي بنفسه إلى الأخطار ولا ينظر في العواقب .
والشكور يعتبر بما أعطى من النعم فيزداد شكرا لله تعالى ولا يبطر النعمة ولا يطغى فيعاقب بسلبها كما سلبت عنهم ومن وراء ذلك أن يحركهم الله التوفيق . وأن يقذف بهم الخذلان في بنيات الطريق .
وفي الآية دلالة واضحة على أن تأمين الطريق وتيسير المواصلات وتقريب البلدان لتيسير تبادل المنافع واجتلاب الأرزاق من هنا ومن هناك نعمة إلهية ومقصد شرعي يحبه الله لمن يحب أن يرحمه من عباده كما قال تعالى ( وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا ) وقال ( وآمنهم من خوف ) فلذلك قال هنا ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليال وأياما آمنين ) .
وعلى أن الإجحاف في إيفاء النعمة حقها من الشكر يعرض بها للزوال وانقلا بالأحوال قال تعالى ( ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) .
من أجل ذلك كله كان حقا على ولاة أمور الأمة أن يسعوا جهدهم في تأمين البلاد وحراسة السبل وتسير الأسفار وتقرير الأمن في سائر نواحي البلاد جليلها وصغيرها بمختلف الوسائل وكان ذلك من ما أهم ما تنفق فيه أموال المسلمين وما يبذل فيه أهل الخير من الموسرين أموالهم عونا على ذلك وذلك من رحمة أهل الأرض المشمولة لقول النبي A " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
وكان حقا على أهل العلم والدين أن يرشدوا الأئمة والأمة إلى طريق الخير وأن ينبهوا على معالم ذلك الطريق ومسالكه بالتفصيل دون الأجمال فقد افتقرت الأمة إلى العمل وسئمت الأقوال .
( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين [ 20 ] وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفظ [ 21 ] ) الأظهر أن هذا عطف على قوله ( وقالوا الذين كفروا هل ندلكم على رجل ) الآية وأن ما بينها من الأخبار المسوقة للاعتبار كما تقدم واقع موقع الاستطراد والاعتراض فيكون ضمير ( عليهم ) عائدا إلى ( الذين كفروا ) من قوله ( وقال الذين كفروا هل ندلكم ) الخ . والذي درج عليه المفسرون أن ضمير ( عليهم ) عائد إلى سبأ المتحدث عنهم . ولكن لا مفر من أن قوله تعالى بعد ذلك ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله ) الآيات هو عود إلى محاجة المشركين المنتقل منها بذكر قصة داود وسليمان وأهل سبأ . وصلوحية الآية للمحملين ناشئة من موقعها وهذا من بلاغة القرآن المستفاده من ترتيب مواقع الآية .
فالمقصود تنبيه المؤمنين إلى مكائد الشيطان وسوء عاقبة أتباعه ليحذروه ويستيقظوا لكيده فلا يقعوا في شرك وسوسته .
A E فالمعنى : أن الشطان سول للمشركين أو سول للممثل بهم حال المشركين الإشراك بالمنعم وحسن لهم ضد النعمة حتى تمنوه وتوسم فيهم الانخداع له فألقى إليهم وسوسته وكره إليهم نصائح الصالحين منهم فصدق توسمه فيهم أنهم يأخذون بدعوته فقبلوها واعرضوا عن خلافها فاتبعوه .
ففي قوله ( صدق عليهم إبليس ظنه ) إيجاز حذف لأن صدق الضن المفرع عنه أتباعهم يقتضي . أنه دعاهم إلى شيء ظانا استجابة دعوته إياهم ) .
وقرأ الجمهور ( صدق ) بتخفف الدال ف ( إبليس ) فاعل و ( ظنه ) منصوب على نزع الخافض أي في ظنه . و ( عليهم ) متعلق ب ( صدق ) لتضمينه معنى أوقع أو ألقى أي أوقع عليهم ظنه فصدق فيه . والصدق بمعنى الإصابة في الظن لأن الإصابة مطابقة للواقع فهي من قبيل الصدق . قال أبو الغول الطهوي من شعراء الحماسة : .
فدت نفسي وما ملكت يميني ... فوارس صدقت فيهم ظنوني وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف ( صدق ) بتشديد الدال بمعنى حقق ظنه عليهم حين انخدعوا لوسوسته فهو لما وسوس لهم ظن أنهم يطيعونه فجد في الوسوسة حتى استهواهم فحقق ظنه عليهم .
وفي " على " إيماء إلى أن عمل إبليس كان من جنس التغلب والاستعلاء عليهم