وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بالقرى التي بوركت قرى بلاد الشام فكانوا إذا خرجوا من مأرب إلى البلاد الشامية قوافل للتجارة وبيع الطعام سلكوا طريق تهامة ثم الحجاز ثم مشارف الشام ثم بلاد الشام فكانوا كلما ساروا مرحلة وجدوا قرية أو بلدا أو دارا للاستراحة واستراحوا وتزودوا . فكانوا من أجل ذلك لا يحملون معهم أزوادا إذا خرجوا من مأرب .
وهذه القرى الظاهرة يحتمل أنها تكونت من عمل الناس القاطنين حفافي الطريق السابلة بين مأرب وجلق قصد استجلاب الانتفاع بنزول القوافل بينهم وابتياع الأزواد منهم وإيصال ما تحتاجه تلك القرى من السلع والثمار وهذه طبيعة العمران .
ويحتمل أن سبأ أقاموا مباني يأوون إليها عند كل مرحلة من مراحل أسفارهم واستنبطوا فيها الآبار والمصانع وأوكلوا بها من يحفظها ويكون لائذا بهم عند نزولهم . فيكون ذلك من جملة ما وطد لهم ملوكهم من أسباب الحضارة والأمن على القوافل وقد تكون إقامة هاته المنازل مجلبة لمن يقطنون حولها ممن يرغب في المعاملة مع القافلة عند مرورها .
وعلى الاحتمالين فإسناد جعل تلك القرى إلى الله تعالى لأنه الملهم الناس والملوك أو لأنه الذي خلق لهم تربة طيبة تتوفر محاصيلها على حاجة السكان فتسمح لهم بتطلب ترويجها في بلاد أخرى .
ووصف ( ظاهرة ) أنها متقاربة بحيث يظهر بعضها لبعض ويتراءى بعضها من بعض . وقيل : الظاهرة التي تظهر للسائر من بعد بأن كانت القرى مبنية على الآكام والظراب يشاهدها المسافر فلا يضل طريقها . وقال ابن عطية " الذي يظهر لي أن معنى ( ظاهرة ) أنها خارجة عن المدن فهي في ظواهر المدن ومنه قولهم : نزلنا بظاهر المدينة الفلانية أي خارجا عنها . فقوله ( ظاهرة ) كتسمية الناس إياها بالبادية وبالضاحية ومنه قول الشاعر وأنشده أهل اللغة : .
فلو شهدتني من قريش عصابة ... قريش البطح لا قريش الظواهر وفي حديث الاستسقاء : " وجاء أهل الظواهر يشتكون الغرق " اه . وهو تفسير جميل . ويكون في قوله ( ظاهرة ) على ذلك كناية عن وفرة المدن حتى أن القرى كلها ظاهرة منها .
ومعنى تقدير السير في القرى أن أبعادها على تقدير وتعادل بحيث لا يتجاوز مقدار مرحلة . فكان الغادي يقبل في قرية والرائح يبيت في قرية . فالمعنى قدرنا مسافات السير في القرى أي في أبعادها . ويتعلق قوله ( فيها ) بفعل ( قدرنا ) لا بالسير لأن التقدير في القرى وأبعادها لا في السير إذ تقدير السير تبع لتقدير الأبعاد .
وجملة ( سيروا فيها ليالي ) مقول قول محذوف . وجملة القول بيان لجملة ( قدرنا ) أو بدل اشتمال منها .
A E وهذا القول هو قول التكوين وهو جعلها يسيرون ( فيها ) عائد إلى القرى والظرفية المستفادة من حرف الظرف تخييل المكنية شبهت القرى لشدة تقاربها بالظرف وحذف المشبه به ورمز إليه بحرف الظرفية . والمعنى : سيروا بينها .
وكانوا يسيرون غدوا وعشيا فيسيرون الصباح ثم تعترضهم قرية فيريحون فيها ويقيلون ويسيرون المساء فتعرضهم قرية يبيتون بها . فمعنى قوله ( سيروا فيها ليالي وأيام ) سيروا كيف شئتم . وتقديم الليالي على الأيام بها في مقام الامتنان لأن المسافرين أحوج إلى الأمن في الليل منهم إليه في النهار لأن الليل تعترضهم فيه القطاع والسباع .
( فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلنهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور [ 19 ] ) الفاء من قوله ( فقالوا ربنا ) لتعقيب قولهم هذا أثر إتمام النعمة عليهم باقتراب المدن وتيسير الأسفار والتعقيب في كل شيء بحسبه فلما تمت النعمة بطروها فحلت بهم أسباب سلبها عنهم .
ومن أكبر أسباب زوال النعمة كفرانها . قال الشيخ ابن عطاء الله الإسكندري " من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها ومن شكرها فقد قيدها بعقالها "