وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكان لأهل سبأ سد عظيم قرب بلاد مأرب ( ومأرب من كور اليمن ) وكان أعظم السداد في بدلا اليمن التي كانت فيها سداد كثيرة متفرقة وكانوا جعلوا هذه السداد لخزن الماء الذي تأتى به السيول في وقت نزول الأمطار في الصيف والخريف فكانوا يعمدون إلى ممرات السيول من بين الجبال فيبنون في ممر الماء سورا من صخور يبنونها بناء محكما يصبون في الشقوق التي بين الصخور القار حتى تلتئم فينحبس الماء الذي يسقط هنالك حتى إذا امتلأ الخزان جعلوا بجانبيه جوابي عظيمة يصب فيها الماء يفيض من أعلى السد فيقيمون من ذلك ما يستطيعون من توفير الماء المختزن .
وكان سد مأرب الذي يحفظ فيه ( سيل العرم ) شرع في بنائه سبأ أول ملوك هذه الأمة ولم يتمه فأتمه ابنه حمير . وأما ما يقال من أن بلقيس بنته فذلك اشتباه إذ لعل بلقيس بنت حوله خزانات أخرى فرعيه أو رممت بناءه ترمبما أطلق عليه اسم البناء فقد كانوا يتعهدون تلك السداد بالإصلاح والترميم كل سنة حتى تبقى تجاه قوة السيول الساقطة فيها .
وكانوا يجعلون للسد منافذ مغلقة يزيلون عنها السكر إذ أرادوا إرسال الماء إلى الجهات المتفرقة التي تسقى منه إذ جعلوا جناتهم حول السد مجتمعة . وكان يصب في سد مأرب سبعون واديا .
وجعلوا هذا السد بين جبلين يعرف كلاهما بالبلق فهما البلق الأيمن والبلق الأيسر .
وأعظم الأودية التي كانت تصب فيه اسمه ( إذنه ) فقالوا : أن الأودية كانت تأتي إلى سبأ من الشجر وأودية اليمن .
وهذا السد حائط طوله من الشق إلى الغرب ثمانمائة ذراعا وارتفاعه بضع عشرة ذراعا وعرضه مائة وخمسون ذراعا .
وقد شاهد الحسن الهمداني ووصفه في كتابه المسمى بالإكليل وهو من أهل أوائل القرن الرابع بما سمعت حاصلة . ووصفه الرحالة ( أرنو ) الفرنسي سنة 1883 والرحالة " غلازر " الفرنسي .
ولا يعرف وقت انهدام هذا السد ولا أسباب ذلك . والظاهر إن سبب انهدامه اشتغال ملوكهم بحروب داخليه بينهم ألهتهم عن تفقد ترميمه حتى تخرب أو يكون قد خربه بعض من حاربهم من أعدائهم وأما ما يذكر في القصص من أن السد خربته الجرذان فذلك من الخرافات .
وفي العرم قال النابغة الجعدي : .
من سبإ الحاضرين مأرب إذ ... يبنون من دون سيله العرما A E والتبديل : تعويض شيء بآخر وهو يتعدى إلى المأخوذ بنفسه وإلى المبذول بالباء وهي باء العوض كما تقدم في قوله تعالى ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) في سورة النساء .
فالمعنى : أعطيناهم أشجار خمط وأثل وسدر عوض عن جنتيهم أي صارت بلادهم شعراء قاحلة ليس فيها إلا شجر العضاة والبادية وفيما بين هذين الحالين أحوال عظيمة انتابتهم فقاسوا العطش وفقدان الثمار حتى اضطروا إلى مفارقة تلك الديار فلما كانت هذه النهاية دالة على تلك الأحوال طوي ذكر ما قبلها واقتصر على ( وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط ) إلى آخره .
وإطلاق اسم الجنتين على هذه المنابت مشاكلة للتهكم كقول عمرو بن كلثوم : .
قريناكم فجعلنا قراكم ... قبيل الصبح مرادة طحونا وقوله تعالى ( فبشرهم بعذاب أليم ) .
وقد وصف الأعشى هذه الحالة بدءا ونهاية بقوله : .
وفي ذاك للمؤنسي عبرة ... ومأرب عفى عليه العرم .
رخام بنته لهم حمير ... إذا جاء موره لم يرم .
فأروى الزروع وأعنى بها ... على سعة ماؤهم إذا قسم .
فعاشوا بذلك في غبطة ... فحاربهم جارف منهزم .
فطار القيول وقيلاتها ... ببهماء فيها سراب يطم .
فطاروا سراعا وما يقدرون ... منه لشرب صبي فطم والخمط : شجر الأراك . ويطلق الخمط على الشيء المر . والأثل : شجر عظيم من شجر العظاه يشبه الطرفاء . والسدر : شجر من العضاة أيضا له شوك يشبه شجر العناب . وكلها تنبت في الفيافي .
والسدر : أكثرها ضلا وأنفعها لأنه يغسل بورقه مع الماء فينظف وفيه رائحة حسنة ولذلك وصف هنا بالقليل لإفادة أن معظم شجرهم لا فائدة منه وزيد تقليله قلة يذكر كلمة ( شيء ) المؤذنة في ذاته بالقلة يقال شيء من كذا إذا كان قليلا .
وفي القرآن ( وما أغنى عنكم من الله شيئا )