وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي إجراء صفتي ( عليما حكيما ) على اسم الجلالة إيماء إلى ذلك فمناسبة صفة العلم لقوله ( والله يعلم ما في قلوبكم ) ظاهرة و مناسبة صفة الحليم باعتبار أن المقصود ترغيب الرسول A في أليق الأحوال بصفة الحليم لأن همه A التخليق بخلق الله تعالى و قد أجرى الله عليه صفات من صفاته مثل رؤوف رحيم ومثل شاهد . وقالت عائشة Bها : ما خير رسول الله A بين شيئين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما . ولهذا لم يأخذ رسول الله بهذا التخير في النساء اللاتي كن في معاشرته وأخذ به في الواهبات أنفسهن مع الإحسان إليهن بالقول والبذل فأن الله كتب الإحسان على كل شيء . وأخذ به في ترك التزوج من بنات عمه وعماته وخاله وخالاته لأن ذلك لا حرج فيه عليهن .
( لا يحل لك النساء من بعد' ولا أن تبدل بهن من أزوج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا [ 52 ] ) A E موقع هذه الآية في المصحف عقب التي قبلها يدل على أنها كذلك نزلت وأن الكلام متصل بعضه ببعض ومنتظم هذا النظم البديع على أن حذف ما أضيفت إليه ( بعد ) ينادي على أنه حذف معلوم دل عليه الكلام السابق فتأخرها في النزول عن الآيات التي قبلها وكونها متصلة بها وتتمة لها مما لا ينبغي أن يتردد فيه فتقدير المضاف إليه المحذوف لا يخلو : إما أن يؤخذ من ذكر الأصناف قبلة أي من بعد الأصناف المذكورة بقوله ( إنا أحللنا لك أزواجك ) الخ . وإما أن يكون مما يقتضيه الكلام من الزمان أي من بعد هذا الوقت والأول الراجح .
و ( بعد ) يجوز أن يكون بمعنى ( غير ) كقوله تعالى ( فمن يهديه من بعد الله ) وهو استعمال كثير في اللغة وعليه فلا ناسخ لهذه الآية من القرآن ولا هي ناسخة لغيرها ومما يؤيد هذا المعنى التعبير بلفظ الأزواج في قوله ( ولا أن تبدل بهن من أزواج ) أي غيرهن وعلى هذا المحمل حمل الآية ابن عباس فقد روى الترمذي عنه قال " نهي رسول الله A عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات فقال ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ) فأحل الله المملوكات المؤمنات ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ) . ومثل هذا مروي عن أبي بن كعب وعكرمة والضحاك . ويجوز أن يكون ( بعد ) مراد به الشيء المتأخر عن غيره وذلك حقيقة معنى البعدية فيتعين تقدير لفظ يدل على شيء سابق .
وبناء ( بعد ) على الضم يقتضي تقدير كضاف إليه محذوف يدل عليه الكلام السابق على ما درج عليه ابن مالك في الخلاصة وحققه ابن هشام في شرحه على قطر الندى فيجوز أن يكون التقدير : من بعد من ذكرن على الوجهين في معنى البعدية فيقدر : من غير من ذكرن أو يقدر من بعد من ذكرن فتنشأ احتمالات أن يكون المراد أصناف من ذكرن أو أعداد من ذكرن ( وكن تسعا ) أو من اخترتهن .
ويجوز أن يقدر المضاف إليه وقتا أي بعد اليوم أو الساعة أي الوقت الذي نزلت فيه الآية فيكون نسخا لقوله ( إنا أحللنا لك أزواجك ) إلى قوله ( خالصة لك ) .
وأما ما رواه الترمذي عن عائشة أنها قالت " ما مات رسول الله حتى أحل الله له النساء " . وقال حديث حسن . " وهو مقتض أن هذه الآية منسوخة " فهو يقتضي أن ناسخها من السنة لا من القرآن لأن قولها : ما مات يؤذن بأن ذلك كان آخر حياته فلا تكون هذه الآية التي نزلت مع سورتها قبل وفاته A بخمس سنين ناسخه للإباحة التي عنتها عائشة فالإباحة إباحة تكريم لرسول الله A . وروى الطحاوي مثل حديث عائشة عن أم سلمة .
والنساء : إذ أطلق في مثل هذا المقام غلب في معنى الأزواج أي الحرائر دون الإماء كما قال النابغة : .
حذارا على أن لا تنال مقادتي ... ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا أي لا تحل لك الأزواج من بعد من ذكرن .
وقوله ( ولا أن تبدل بهن ) أصلة : تتبدل بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا يقال : بدل وتبدل ومادة البل تقتضي شيئين : يعطي أحدهما عوضا عن أخذ الآخر فالتبديل يتعدى إلى الشيء المأخوذ بنفسه وإلى الشيء المعطى بالباء أو بحرف ( من ) وتقدم عند قوله تعالى ( ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ) في سورة البقرة